نحو سوسيولوجيا إماراتية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل تبادر إلى أذهاننا يوماً أنه خلال 50 سنة مقبلة، ستتغير أنماط حياتنا وتفكيرنا، وتعاملنا مع التحديات بشكل جذري لم نألفه؟ هل ستبرح الثوابت مكانها الراسخ في منظومة ما ألفناه إلى ما لم نألفه ؟ هل سنقيس الأمور بمنظور مرن يتجاوز ما نعرفه؟ وهل سنتوارث ردود الأفعال، أم أننا سنحكمها بمنهج مغاير؟ هل سنبقى نحن أم ستعيد ترتيب أولوياتنا موجة الحداثة مستقبلاً ؟

تساؤلات تجتمع في أقطاب 3، «المجتمع والتحديات والتحليل السوسيولوجي»، لتقود إلى تفكير عميق، يستند إلى ما يمر به المجتمع اليوم، وما سيمر به خلال السنوات المقبلة، وسط جملة من التغيرات الاجتماعية، التي ستحتاج إلى نظرة فريدة، ونوعية تفكير خاصة، وتطبيق لغة قياس تعين على فهمها، وابتكار الحلول المرنة لها، والتكيف مع التحديات المختلفة، التي ستنشئ أدوات جديدة للفهم في المستقبل القريب.

ربما خير شاهد هنا، ما أحدثته أزمة «كوفيد 19» من أثر مجتمعي كبير، ليس محلياً فقط، بل على مستوى العالم أجمع، حيث كان قياس سلوك المجتمع في التعامل مع الجائحة موضع دراسة الباحثين الاجتماعيين، لقياس ثقافة المجتمع ومسببات قلقِهِ، ورسم الاستراتيجيات التي أسهمت في تضافر الحكومات مع الشعوب لاحقاً، للتقليل من تأثيرات تبعات الجائحة، الأمر الذي جعل من التقصي الاجتماعي ضرورة ملحة، وليس مجرد منفعة،

فالنظرة السوسيولوجية العميقة، وتفعيل النقد والانفتاح على الاحتمالات الجديدة منهج مستقبلي متفرد، لا بد من تفعيله على المستوى الوطني، من خلال التركيز بشكل مكثف على إرساء دعائم مراكز البحث والرصد الاجتماعي، والإيمان بها كونها قطباً يدعم جودة الحياة، ويفهم أفق التفكير العام، لا سيما أن مبادئ الخمسين، التي رسمتها حكومة الإمارات قائمة على دعم التحولات الجذرية الاستثنائية لدولة المستقبل.

لذا، أعتقد أنه حان الوقت للتفكير بمشروع «سوسيولوجيا المجتمع الإماراتي»، أداة أولى للتحول المجتمعي، وحاضنة حقيقية للوعي الجديد، وموئلاً لإنتاج المعرفة الضرورية بحركة التطور، ومشروعاً يؤسس لمستقبل متين، وفضاء حراً لإرادة التغيير.
 

Email