العربية لغة عالمية (١)

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتساءل بعض الناس عن سبب قدرة لغة ما على الاستمرارية والتغلغل بين الشعوب، وما الذي يجعلها ذات حضور قوي بين المتكلمين؟ والسر في ذلك يكمُن في قدرة تلك اللغة على فتح قنوات التواصل بين البشر، وفي اعتبارها وسيلة ذات أهمية لعمليات التجارة وجني المال أيضاً، وفي حضورها الواضح في الإعلام والثقافة والمعرفة، وفي ثقلها في عالم الدبلوماسية، ذلك لأنّ أهمية اللغة لا تقتصر على التعلم، ومعرفة ثقافات الشعوب فحسب، وإنما أصبحت معرفة اللغة والتخاطب بها محركاً أساسياً للمجالات الاقتصادية، والسياسية، والحياة الاجتماعية، والتاريخية.

ولمعرفة حال اللغة العربية في العالم المعاصر فإنّ الأرقام تثبت لنا مدى الإقبال على تعلُّمها، وانتشارها في العالم، خلال العقدين الأخيرين، وهنا نشير على سبيل المثال إلى ما تشهده اللغة العربية من إقبال على تعلمها في بعض دول العالم، كالولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وبلجيكا، والصين، وجمهورية غانا، من واقع الأبحاث المختصة، التي تقيس ذلك من خلال ثلاثة مؤشرات هي: زيادة عدد الطلبة الراغبين في إجادة العربية، وزيادة عدد المدارس والجامعات المفتوحة لتدريسها، وزيادة عدد الساعات المخصصة لتعلمها.

ويكشف لنا التقرير الصادر من وزارة الثقافة والشباب في الدولة عن «حالة اللغة العربية ومستقبلها»، والمدى الذي قفز إليه تعلّمها في المدارس الثانوية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغ الإقبال على تعلم اللغة العربية ما نسبته 6% من إجمالي الإقبال على تعلم اللغات، ما يضع اللغة العربية مع نظريتها الروسية في رتبة تتقدم على البرتغالية والكورية والتركية، وذلك لأن نسبة الإقبال على تعلم العربية في الجامعات الأمريكية في تزايد مستمر، منذ عام 2002م.

وفي المملكة المتحدة نجد أن اللغة العربية حلّت في الرتبة الثامنة بين اللغات، التي اختارها الطلاب للخضوع للامتحان، رغبة في الحصول على شهادة الثانوية العامة البريطانية، أما على مستوى جامعات بريطانيا فاللغة العربية في المركز الثالث بين أكثر اللغات انتشاراً في مراحل التعليم العالي، وفـقاً لتقرير الأكاديمية البريطانية للإنسانيات والعلوم الاجتماعية، وأكد التقرير أن عدد الجامعات التي وفرت مواد تدريس اللغة العربية في عام 2017، بلغت 60 جامعة، في مناطق مختلفة من المملكة المتحدة، أتاحت 50 جامعة منها للطلبة فرصة تعلم العربية باعتبارها لغة اختيارية خارج نطاق الاختصاص، في حين وفرت الجامعات الباقية مواد اللغة العربية، ضمن المتطلبات الأكاديمية للدرجة الجامعية، وبشكل عام يؤكد التقرير أنها اللغة الوحيدة، التي شهدت تزايـداً غير مسبوق في الإقبال عليها هناك، أما في بلجيكا فتضاعفت الساعات المخصصة لتعليم اللغة العربية في المستويات المختلفة، وفي الصين بلغ عدد الجامعات التي توفر مواد باللغة العربية 46 جامعة، وأخيراً نـتجه نحو جمهورية غانا لنجد أن المدارس التي تعلم اللغة العربية قد بلغت 950 مدرسة.

كل هذا يشير إلى مدى الاهتمام العالمي بتعلم اللغة العربية.

 

Email