تجارب تعليمية ناجحة (6)

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمتاز المنهج الدراسي في المدارس اليابانية عن غيره، بأنّ له ارتباطاً كبيراً بمبدأ الاكتشاف والبحث، وفيه تحظى تجارب البحث العلمي بأكبر قدر من الاهتمام، وفي اليابان يتم التركيز بشكل كبير على تعليم الأطفال في الحضانة ورياض الأطفال مبدأَ التعاون والعمل الجماعي، فالمدرسة تضع أمام الأطفال مكعبات كبيرة الحجم، لا يتمَكّن طفل واحد من تحريكها مما يجعله يطلبُ العونَ من زملائه فتحركها المجموعة وليس الفرد، كما يتم دائماً توزيع أعداداً أقل من الأطفال في المجموعات، حتى تقومَ مجوعة الأطفال بطلب المعونة من أقرانهم، وبهذا يتعلم الأطفال التفاعل فيما بينهم وفيما بينهم والآخرين، إلى جانب تعلم مبدأ انتظار الدور.

ومناهج المدارس في اليابان لا سيما في المراحل الدنيا تهدف إلى زرع المسؤولية في نفوس الأطفال، وبث روح تحمُّل العمل الشاق، والتعاون على حل المشكلات، وتعليم الأطفال العمل الجماعي، إذ تهتم المدارس بالدرجة الأولى بتخريج أطفالٍ جيدين، ومتمكنين من تحمّل المسؤولية، والعمل بنظام وبراعة وذكاء، والناس في المجتمع الياباني يؤمنون بأنّ بذل الجهد والمثابرة على العمل أهم من الذكاء الفطري، والطالب الياباني يقضي في المدرسة ساعات أكثر من غيره من الطلبة في أي دولة أخرى من العالم، يتربى خلالها على الإحساس بالجماعة والمجتمع، وذلك بقصد خلق مهارات علمية غير عادية. ولقد ركّزت المدارس اليابانية على عملية التأهيل الاجتماعي، فشكلت نمط الحياة في المجتمع الياباني وأسهمت إسهاماً واضحاً في تطوره وتقدمه.

ومن هنا نخلص إلى أن سرّ تميز المدارس اليابانية يكمُن في بعض القيم ذات الأهمية الكبيرة، ومنها:

أولاً: الاهتمام بتنشئة الطالب على القيم النبيلة والعناية بِسماته الشخصية، وذلك قبل تلقينه دروس العلوم، حيث يتعاملُ المعلمون مع الطلبة باحترام شديد، لهذا يشعر الطالب بقيمته المرموقة عند دخوله المدرسة، يحدث ذلك من خلال القيم العليا التي يتم تنشئة الطلاب عليها بشكل عملي وتطبيقيّ يفوق ما يناله الطلاب في المجتمعات الأخرى.

ثانـياً: الاهتمام الكبير بالصحة، وبطبيعة الغذاء الذي يتناوله أبناء هذا الشعب مما يجعله قادراً على الإنتاج والحركة بشكل مستمر، فالتميز العقلي وطريقة التفكير ترتبط بنتاج ما يستهلكه الفرد يومياً من الطعام.

ثالــثاً: الاهتمام بالقراءة بشكل يومي، إلى جانب محافظة اليابانيين على التراث والأصالة والمعاصرة، من دون وجود أدنى تعارض بينها.

رابــعاً: تقدير اليابانيين للوقت، فهم شعب دقيق في تعامله، ويولي الوقت أهمية كبرى، فالتأخر عن المواعيد غير معروف لديهم، وهذه الخاصية يتعلمونها منذ الصغر.

Email