مِنْقاش «2»..!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ومن حيث انتهى «مِنْقاشنا» الأول، في مقالنا السابق، نستكمل دوره بين جنبات حياتنا، لا سيما ما يتعلق بالكلام كلغة ديناميكية، تنوء في دواخلنا عميقاً، وأتساءل، هل يستطيع أن يزيل القشة التي تقف في وجه طوفان الحروف؟.

ويجيب «المِنْقاش» هذه المرة على التساؤل، في مناظرة صادقة، قائلاً:

الروائي الأمريكي آرنست همنغواي، قال ذات مرة: «يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام.. وخمسين ليتعلم الصمت»، وألهمني كلامه، لأدرك أن الصّمت معقود بحريّة الممارسة، فلا يجيء كطوفان، أو ينحسر كجدول ضل طريقه، إنه صمت مطبق، فبعض الناس اعتادوا أن يلوذوا بصمتهم، ليحتموا من معارك المواجهة مع الآخرين- حتى وإن كانوا على صواب- وأؤمن اليوم أن الصمت عادة «بعض» المتشككين الذين يبحثون عن اليقين، ويخشون العقاب..!، فهل أُنهِك نفسي بالبحث عن الشوكة التي تنسج صمتهم؟ أو بمعنى آخر، هل ألوي على شيء أمام المتشكك الصامت.. الذي لا يملكني أصلاً..؟!

ومن منظور آخر، رأيت الكثير من المشاهد، والتي يسكت فيها الناس عن بيان الحق، والسعي في إزالة الظلم عن المظلوم، وهنا، تكون الشوكة مرتبطة بالضمير، ومتصلة به بشكل وثيق، فلا مجال لفصلهما، وذلك لأنني أؤمن كثيراً، أن الصمت في هذه المسألة، أساس كل اضطراب. وأخيراً، لا أستطيع أن أختم مناظرتي بدون أن أؤنب أولئك الذين يحتفظون بطيب الكلام في دواخلهم، من يصدأ الكلام في غمد أرواحهم، فلا يمتشقون أحرفهم في نزال المودة والحب والإخاء، وهنا، لا أملك السبل لانتشال شوكة صمتهم..! إنهم فقط من يعلمون كيف يفيضون..!

وفي ختام مناظرته، قرر «المنقاش» العودة لمهنته الأصلية، قائلاً:

فرائحة الخبز وحرارة الجمر، أشهى وأكثر دفئاً من ضمائر بعض البشر..!

Email