عاطفيّ وليس طيباً

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيراً ما نسمع العبارات «طيبة القلب حماقة» أو «الطيبة غباء وسلوك غير عقلاني»، هذا يدعونا للتساؤل من الذي شوّه صورة الطيب، هل هم الناس، أم الطيب نفسه؟

الطيبة هي من أجمل الصفات التي يتحلى بها صاحبها بنقاء الصدر وحُب الناس بعيداً عن إضمار الحقد والغل، والذي يدفعه إلى أرقى معاني الإنسانية والشفافية كالوفاء والصدق والإخلاص، إلا أنها إذا تجاوزت الحدود المعقولة ووصلت حد المبالغة قد تؤثر وتنعكس سلباً على صاحبها.

هناك شعرة بين الطيبة العقلانية والطيبة الحمقاء، وهذه الشعرة هي منطق العقل.

يجب التيقن بأن الطيبة لا تلغي دور العقل، ولكنها تحكّم العقل بالوقت المناسب بهدف اتخاذ القرار السليم الذي يدل على رجاحة العقل، حتى ولو كان القرار الظاهر للأغلبية أحياناً قاسياً نوعاً ما، ولكنه يحمل بين طياته إيجابيات وفوائد حتمية مستقبلاً، فيبعد الضرر عن الشخص الطيب وعن الآخرين.

وعلينا أن ندرك أن الطيبة الزائدة تحت مفهوم حسن الظن قد تعمي صاحبها عن رؤية الحقيقة بأكملها وتفتح الباب على مصراعيه أمام الآخرين لاستغلاله وخداعه، لذا لا بد أن نقدم العقل قبل العاطفة، لأن العقل يزن الأمور بحكمة وعقلانية، أما القلب فتجرفه العاطفة، فيصبح الشخص عاطفياً وليس طيباً.

الطيبة المتوازنة لا تغني عن الذكاء الاجتماعي وحب الخير للغير والتسامح بالقدر المعقول، أما الثقة العمياء والسماح للآخرين بتجاوز الخطوط الحمراء تحت مفهوم «طيبة القلب» فلا تسمى طيبة، بل سذاجة بمعنى الكلمة.

إذاً طيبة القلب وحسن الظن بالآخرين لا يعتبر عيباً أو ضعف شخصية فهي دلالة على الأخلاق الراقية التي ترفع من مكانة الشخص وتزيدهُ سمواً وجمالاً روحياً، ولكن المشكلة الأساسية تكمن في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة بعض القرارات والاعتماد الكلي على العواطف.

 

Email