«إما».. و«أو».. تكمن بينهما حلول مجتمعية فارقة، من بينها مسألة المظهر والمخبر، وهي قضية جدال لا تنطفئ جذوتها أبد الدهر، تستعر المنافسة بينهما بشراسة في كل مرة، ومع تبدل الأيام والأحوال والأزمنة والأمكنة، هل ما زالت «إما» و«أو» فارقة، أم أن كفة الميزان راجحة خارج نطاقهما..؟!

من الثابت أن الجمال لا يرتبط بعصر أو ثقافة معينة، فترمومتر الجمال بين ارتفاع وانحسار حسب معتقدات كل ثقافة وشعب، ففي إفريقيا مثلاً يتزيَّن الرجال والنساء بكيّ جلودهم بعلامات مميزة، وتقوم نساء إحدى قبائل إثيوبيا بوضع أقراص معدنية ضخمة في أفواههن بغرض الجمال، تجعل الشفاه تمتد لتصبح بمقاييس الطبق، وفي الصين القديمة كانت الفتيات يتعرَّضن لعذاب لا يحتمل في سبيل الجمال، وهو أن توضع أقدامهن في أحذية ضيقة للغاية كي تبقى صغيرة الحجم، واليوم فإن السباق المحموم على عيادات التجميل لتركيب «رؤوس جديدة»، هي الألم المحمود والنضال المطلوب في سبيل الجمال المنشود..!

ولنكن واضحين أكثر، أليس ما يلفتنا من الوهلة الأولى هو جمال الظاهر قبل الباطن، إذ إن الأخير يحتاج وقتاً لتستبينه، بعكس الظاهر -واضح وضوح الشمس-، لكن يغفل البعض أن جمال المظهر قد يكون جسر العبور لجمال المخبر، وصحيح أنهما قد يكونان في شجار وخصومة في أحيان كثيرة، وصحيح أن منا من يُغلّب كفة أحدهما على الآخر، لكن انسجامهما ليس مستحيلاً، وتفاعلهما معاً يخلقان شخصاً واثقاً محبوباً، فكثير هم من تقبلوا أنفسهم أو المشاكل الصحية التي جعلتهم مختلفين، وأقبلوا بحب وثقة على المجتمع، فأحبهم الناس لباطنهم قبل ظاهرهم.

وليس خطأً أن يلجأ البعض للتجميل لحاجة أو تصحيح لغرض طبي، لكن شبق الرغبة التي لا تنطفئ لركوب موجة الموضة لغرض المواكبة لا غير، لا يترك المجال لـ «إما» و«أو»..

وبعيداً عن «إما» و«أو»..، أعتقد أن فكرة بناء «محمية» لمن يحمل التوازن بين المظهر والمخبر، فكرة ناجعة وسط تخبط كل الحلول..!