التمس لهم الأعذار

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أكثر الأمور التي تقوم بزعزعة العلاقات الاجتماعية وقطع الصلات بين الأشخاص، سواء كانت مع الأهل أو الأصدقاء أو زملاء العمل، هو سوء الظن الذي يعد من الآفات الاجتماعية المنتشرة بين الناس، وذلك لأن الشخص يبدأ بتخيل وتوقع أقوال وأفعال وظروف الآخرين من دون التأكد من مصداقيتها.

«إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد له عذراً فقل: لعل له عذراً أجهله».

المواقف الصعبة هي التي تكشف معادن وحقائق الناس. فذات مرة دخل أحد الجراحين إلى المستشفى بعد أن تم استدعاؤه على عجل لإجراء عملية جراحية لأحد المرضى، وقبل أن يدخل غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهاباً وهو ثائر وعلامات الاستياء واضحة على وجهه، فصرخ في وجه الطبيب قائلاً: «ما هذا التأخير يا دكتور؟ ألا تعلم أن حالة ابني في خطر؟ أليس لديك إحساس بالمسؤولية؟». فابتسم الطبيب وقال: «أنا آسف فلم أكن في المستشفى وقد حضرت مباشرةً حين تلقيت النداء».

للأسف لم تخمد هذه الكلمات الطيبة غضب الأب وقال للطبيب: «ما أبردك يا دكتور، لو كانت حياة ابنك هل ستهدأ؟ ماذا ستفعل لو مات ابنك؟». ابتسم الطبيب ورد قائلاً: «أقول قوله تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) فهل للمؤمن غيرها؟». لم يدرك هذا الأب أن هذا الطبيب ترك حزنه على ابنه الذي توفي أمس لينقذ حياة ابنه.

حسن الظن والتغافل مهم جداً، فكثيراً ما نرى تصرُّفاً قد يعطينا انطباعات غير صحيحة وقد يؤثر في علاقاتنا بالآخرين ولذا وجب التماس العذر فنحن لا نعلم ظروفهم.

سوء الظن كاللغم يدمر كل ما هو جميل. فلماذا لا نتمهل قبل الحكم على الآخرين، ونلتمس لهم الأعذار؟

 
Email