تمكين المدن صحياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينت تقارير الأمم المتحدة للتنمية، بأن أكثر من نصف سكان الأرض يعيش في المدن الحضرية، وأن اقتصاد المدن الأكثر نمواً، مثل طوكيو وسنغافورة، يقوم على مجموعة من المرتكزات أهمها، صناعة الخدمات الطبية والبنية التحتية الصحية المتطورة كلياً، إلا أن تلك التقارير تؤكد على أن مدن العالم الأقل نمواً تعاني من وجود فجوة كبيرة بين النمو السكاني من جهة، وبين التخطيط الحضري والتدهور الصحي والبيئي من جهة أخرى، وإذا ما قارنا بين الأولويات الاستراتيجية الكبرى للحكومات والدول، نجد بأن الصحة العامة تأتي على رأس قائمة الأولويات الوطنية، نظراً لتأثيرها المباشر في الأجيال الحالية والمستقبلية، وانعكاساتها على التنمية الشاملة والمستدامة للمجتمعات والشعوب.

ومع بداية تسعينيات القرن الماضي، أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة استراتيجية كبرى «لتمكين المدن صحياً»، هدفها استدامة تحسين جودة صحة المجتمعات، من خلال الشراكة بين الجهات الصحية والجهات المعنية بالتعليم وتخطيط المدن على مستوى الحكومة، وبين مؤسسات القطاع الخاص وأفراد المجتمع المدني على مستوى المدن، وبالتالي تضافر الجهود على المستوى الوطني من أجل تحسين جودة صحة المجتمع، وتمكين المدن من ردم الفجوة الصحية بين شرائح سكان المدينة الواحدة.

بالرجوع إلى استراتيجيات منظمة الصحة العالمية، نجد بأن المنظمة حددت تسعة محاور رئيسية كمتطلبات لتمكين المجتمعات صحياً، اشتملت المحاور على عدد من المعايير التي تحدد مدى قدرة الدول في مجال التمكين الصحي، منها: شمولية الضمان الصحي، والوقاية الصحية، والشراكة والاستدامة، والتوعية والمعلومات، وجهود مكافحة التلوث البيئي «الماء والغذاء والهواء»، ومدى الاستعداد لحالات الطوارئ والكوارث الصحية والبيئية، ومدى جاهزية المدن للاستجابة لها والحد منها.

لقد بات موضوع تمكين المدن صحياً، ومدى وجود استراتيجيات ومعايير للصحة العامة تحوكم تخطيط المدن المتحضرة، وتضمن الاستدامة الصحية للأجيال الحالية والمستقبلية، من التحديات التي تواجه المدن والحكومات على المستوى العالمي، فهناك 80 مؤشراً لحوكمة المدن صحياً؛ فهل نحن جاهزون للمستقبل ومجابهة التحديات الصحية والبيئية بكفاءة وفاعلية؟ وهل المعنيون والمختصون بالمعايير الصحية يشاركون في عملية تخطيط البنية التحتية للمدن الحضرية؟

في وطننا الحبيب، تضمنت الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031، في توجهاتها عدداً من الممكنات والقدرات والمبادرات والمحاور الرئيسية، لتعزيز مستوى دولة الإمارات المتقدم في مجال الصحة العامة، وبناء مدن ومجتمعات حيوية تعزز قابلية العيش المستدام، وتحافظ على الموارد الوطنية، وتضمن الوقاية الصحية والبيئية، وترسخ أسلوب حياة صحي جسدي ونفسي وبيئي، بعدالة ولكل أفراد المجتمع.

 

 

 

Email