على فكرة

في نقد التميز المؤسسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في يقيني أنه حين أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، باستحداث جوائز التميز في العمل الحكومي بمستويها المحلي والاتحادي، إنما كان سموه يرمي إلى رفع سوية العمل اليومي في دوائرنا الحكومية، وزيادة معدلات الابتكار والمهارات المتقدمة لدى موظفينا المواطنين، وبالتالي تطوير وتحسين الخدمات المقدمة للجمهور، وقياس الإنجاز الفعلي خلف ذلك كله.

اليوم، بعد ما يزيد على العقدين على انطلاقة هذه الجوائز، يبدو أن بعضنا نسي الهدف الأساسي، واختار هدفاً من عنده يتمثل في الاستعراض، بدلاً من الإنجاز، وتحولت فكرة التميز عند هذا البعض من جهد عضوي تكاملي يتراكم لتطوير عمل المؤسسة إلى مظاهر تهدف لإبراز صورة المدير أو المسؤول، كم ابتعدنا عمّا أراده قائدنا بوراشد!.

من هنا أود أن أقترح منهجية مختلفة للتعامل مع التميز المؤسسي في دوائرنا ومؤسساتنا تقوم على التقييم الشامل والمتكامل، وبحيث يندرج في التقييم مجمل الأنشطة والأعمال التي تقوم بها المؤسسة/الإدارة لتطوير خدماتها، وموظفيها مع التركيز على برامج التدريب والابتكار والقيمة المضافة.

وهذا يتطلب إيلاء أهمية بالغة في التقييم للحلول التي يتم تطويرها محلياً ومن قبل كوادر كل مؤسسة أو إدارة، وحجم الوفر فيها، أما الحلول التي تضطر الجهة المعنية لشرائها فيجب أن نقيمها بأسلوب مختلف، مثل طبيعة نقل التكنولوجيا الذي تحققه، ومدى توفيرها للوقت والمال، وكذلك فاعليتها وإيجابيتها في التنفيذ، حتى لا نشتري حلولاً تستخدم لالتقاط الصور ثم تعاد إلى المستودعات بلا استخدام فعلي، أو حلولاً تكون في مراحل التجريب الأولية «بروتوتايب» لدى منتجيها، ثم يتضح فشلها وعدم كفاءتها.

ما يدفعني لهذا هو غياب المنهجية المتكاملة لدى بعض الإدارات، والتي تحول فيها العمل المؤسسي إلى صورة المدير وحده، بدلاً من تشغيل جميع محركات الإدارة والتقدم بها جميعاً نحو التميز والخدمة المتميزة وتحقيق أهدافنا التنموية المتقدمة.

ولهذا أدعو بالإضافة لما سبق، إلى توفير آلية يتم فيها تقييم المشروعات والخدمات الجديدة من قبل الجمهور المستهدف بها في المقام الأول، وفي المقدمة رأي «المتسوق السري».

وذلك لأننا لا نستطيع أن نرتقي إلى مستوى طموحات القيادة، وخاصة الحفاظ على المركز الأول، إذا اختزلنا عمل المؤسسات والإدارات في الصور البرّاقة لمديريها. ولن نحقق طموحاتنا الاستراتيجية مثل 2071 ودبي 10× إذا واصلنا التركيز فقط على ما يحسّن صورة المدير، لا ما يحسّن خدمات الإدارة والمؤسسة، ويطوّر تعاملها مع الجمهور.

باختصار، يا عزيزي المدير، التميز يتطلب العرق والتعب والابتكار والإبداع والعمل الجماعي، وليس فقط «درهمك المنقوش»!.

 

Email