الحفاظ على الهوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

التغير أمر طبيعي، بل وسنة من سنن الكون، فالليل يليه النهار، وعندما تغيب الشمس يظهر القمر، حركة متواصلة في الكون ولا شيء ثابت، لكن كل تلك الحركات والتغيرات تحافظ على نواميس وتوازن الكون.

وهكذا كان شعب الإمارات قادراً على استيعاب مزيج الثقافات العابرة للقارات، وتسارع الأحداث في عالم متغير، ومن الطبيعي مواكبة العصر، فبلادنا اليوم وجهة لكل العالم، إنها عاصمة العالم المتمدن، ومن الطبيعي أن نواكب تلك المكانة، لكن هل ترى يجب أن نتخلى عن قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا؟

هناك بلدان سبقتنا في مواكبة العصر، مثل اليابان وسنغافورة على سبيل المثال، لكن تلك الشعوب لم تتخل أبداً عن قيمها أو تراثها، بل حافظت عليه وأحيته ليصبح جزءاً من يوميات الحياة.

معادلة مواكبة العصر والمحافظة على القيم والتراث في الوقت ذاته معادلة سهلة، يمكن تحقيقها عندما يكون الأمر مرتبطاً بالتربية منذ نعومة الأظافر، وقد تبدو قيمنا راسخة لأن منبعها ديني، لكن العادات والتقاليد منبعها المجتمع وهو نفس المجتمع الذي يتطور يوماً بعد يوم.

بلادنا دولة شابة، معظم الشعب من الشباب، وهناك تناقص في أعداد كبار المواطنين (الذين يعدون الفئة الاكثر تمسكاً بالعادات والتقاليد)، وأخشى ألا تجد تلك العادات والتقاليد من يحملها للأجيال القادمة، فكيف نحافظ على موروثنا.

نعم هناك هيئات حكومية وشعبية تقوم بهذا الدور، ترى هل ذلك يكفي في ظل أن دور تلك الهيئات يبقى رسمياً أكثر مما ينبغي، أعتقد أن المسألة تحتاج إلى جهد أكبر، ربما تحتاج إلى مجهود في المنزل من الوالدين أولاً، ثم من المدرسة ثانياً، فهناك تقاليد وسنع لابد من ترسيخه لدى الأجيال الجديدة، لأنها من مكونات الشخصية الإماراتية، وأعتقد أن أسهل شيء يمكن أن يكون في البداية هو المحافظة على الزي التقليدي، والمحافظة على اللغة أو اللهجة، فهما من المكونات الرئيسية للهوية الوطنية، وللأسف هذان المكونان هما الأكثر إهمالاً، فتجد اللغة لدى الأجيال الجديدة مشوهة بالكثير من الكلمات الأجنبية أو حتى من اللهجات العربية الأخرى، أما الملابس فحدث ولا حرج، فبينما لم يعد أبناؤنا يفضلون الكندورة تجد الفتيات يتلاعبن في شكل العباية، مرة تكون قصيرة ومرة ملونة ومرة شفافة، بل وكثير من الفتيات لم تعد الشيلة تعنيهن، وقد يصل الأمر إلى تفاصيل أخرى قد لا تتناسب مع الأدب والحشمة وهما من أهم خصال الفتاة الإماراتية، أخشى أن يكون مصير الزي التقليدي كمصير البرقع التقليدي الذي يكاد يختفى إلا لدى كبار المواطنات الله يحفظهن ويطول في أعمارهن.

 

Email