الحب قولاً وفعلاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

«أريقُك؟ أم ماءُ الغمامةِ؟ أم خمر؟ بفيّ برودٌ وهو في كبدي جمر» المتنبي.

حين رآها لأول مرة، كان لطلتها مفعول السحر، ولم تفارق مخيلته أبداً، فمنذ ذلك الحين، وحبها الذي انغرس في أعماق قلبه، بدأ ينمو ليتغلغل في أوردته، وكأنه امتلك روحه ووجدانه. فذهب مسرعاً ليخبر والدته أنه يفكر في الزواج، فأصيبت الأم بالذهول، لأنه لم يكمل دراسته الجامعية، ولأنها تعلم مدى اندفاع ابنها وعلاقاته غير السوية. لذا، صمتت والدته لبرهة، ثم قالت بهدوء «لا تستعجل يا بني وتظلم من تفكر بالزواج بها، فأنا لا أظن أنك مستعد حتى الآن»، ولكنه أصر على أن يتزوجها، وأخبرها بأنه سيتمكن من الدراسة والعمل بعد الزواج. وتستمر هذه العلاقة الزوجية لمدة سنة فقط، ثم تطلب الزوجة الطلاق لاكتشافها خيانة الزوج.

تعاني بعض المجتمعات ارتفاع نسب الطلاق، خصوصاً بين الشباب الأصغر سناً، الذي يترتب عليه العديد من الآثار السلبية على المجتمع والعائلة، وخاصةً الأبناء، حيث يتسبب الطلاق بالكثير من المشاكل النفسية لهم، وقد ينمّي الحقد بينهم على أحد الأبوين أو كليهما. فأحياناً يستخدم أحد الوالدين الأبناء كوسيلة ضغط، وأداة حرب ضد الطرف الآخر.

«أنا الذي صبرت طويلاً، لم أعد أقوى على البقاء معه ساعة».

أحياناً اختلاف الأولويات لدى الزوجين، يؤدي إلى زيادة الخلافات في ما بينهما، لذا، يجب على المقبلين على الزواج، مناقشة أهم أولوياتهم واهتماماتهم في الحياة، خلال فترة الخطوبة، ليكتشف الطرفان النقاط المشتركة بينهما. والتدخل في خصوصية الزوجين في كل صغيرة وكبيرة من قبل الأهل، سواء من عائلة الزوج أو الزوجة، كفيل أن يجعل هذه العلاقة العاطفية بين الزوجين متوترة وهشة. وللأسف، يصعب على العلاقة الاستمرار، إذا غاب التواصل بين الزوجين بفهم وتقبل الطرف الآخر، فالحوار يعزز الثقة، ويزرع المحبة في ما بينهما.

أما الخيانة الزوجية، فهي تعتبر الضربة والصدمة القوية التي تدمر استقرار العلاقة الزوجية، لأنها أشبه بالجرح الغائر الذي يهدم الثقة والحب بين الزوجين، لتصبح عذاباً وألماً وحسرة.

لكل شخص في هذه الحياة أسبابه الخاصة للزواج، فالبعض يسعى إلى حياة زوجية نابعة من قصة حب، والبعض الآخر يسعى لتأسيس أسرة، وفئة تريد الزواج، لأنها الحياة المتوقعة لكل شخص. ولكن لتدوم السعادة الزوجية، يجب أن يعبر الزوجان عن مشاعرهما لبعضهما البعض، فالتعبيرات الجميلة ليست فقط في مرحلة الخطوبة، ثم تنتهي بلا رجعة، فالحياة تحتاج إلى شريك مُحب، تشعر بمحبته قولاً وفعلاً.

Email