الانشغال بعيوب الآخرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لا تحكُم فإن أغلب أحكامك ظُلم، ولا تظن فإنّ بعض الظنّ إثم، اترك الخلق للخالق».

أحياناً ينشغل البعض كثيراً بعيوب الناس، فيبدؤون بالتفتيش عنها، واتهامهم بالتقصير أو ضحالة الفهم وضعف المهارات الحياتية، ولكنهم ينسون أن الإنسان غير معصوم من الخطأ، وأنه مثل غيره، قد يكون به عيوب كثيرة، ولا بد من إصلاحها بدلاً من الالتفات لعيوب الناس.

وهذه الظاهرة منتشرة كثيراً في جلسات بعض الرجال والنساء، فتجد أحدهم يتحدث عن عيوب الناس، ويقوم بالتشهير ونشر مساوئ الآخرين، على أساس أنه كامل ولا يعتريه النقص، مع العلم بأنه لا يخلو إنسان من نقص أو عيب، فيكون ذلك سبباً في تفشي داء الحقد والكراهية في ما بينهم.

قال الله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) - سورة المدثر: 38.

لقد توعد الله بالعذاب الشديد، لمن يطعنون في الناس بغير حق، فالإنسان مطالب بإصلاح عيوبه، وسيُسأل عنها قبل غيرها يوم القيامة، لذا، يجب عليه الانشغال بنفسه، وليس بتتبع عيوب الناس والطعن فيهم. فهذا السلوك إن دل على شيء، فهو يدّل على ضعف الإيمان والشخصية، لذا، تجده دائماً ينتقد الآخرين، ويبالغ في ذكر عيوبهم، ناسياً أو متناسياً محاسنهم.

انتقل رجل مع زوجته إلى منزلهم الجديد، الذي كان يطل على بيت جاره، ويرتبط منزله معه بالحديقة المشتركة، وفي يوم أطلت الزوجة من النافذة، فتعجبت من اتساخ الغسيل على حبال جارتها، فتيقنت أن مسحوق الغسيل الذي تستخدمه رخيص جداً، وأخبرت الزوج مباشرةً أنها تظُن أن زوجة الجار تشتري أرخص مساحيق الغسيل.

وبدأت تردد هذا التعليق في كل مرة تنشر جارتها الغسيل، وبعد شهر، تفاجأت عندما رأت الغسيل نظيفاً، فأخبرت الزوج أن زوجة الجار تعلمت، وأخيراً، كيف تغسل الملابس. فقال لها الزوج إنه تمكن اليوم من تنظيف زجاج النافذة التي تنظر منها في هذا الصباح.

قال تعالى: (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) - سورة الأنعام.

البعض ينتبه لعيوب الناس، وتعمى عيونهم عن أخلاقهم الحسنة التي قد تكون أكثر بكثير من هذه العيوب، متغافلين عن الحقيقة أنه لا يوجد إنسان متكامل، وللكل عيوب. ولو كان الإنسان منشغلاً بنفسه عن غيره، ارتاحت له الأنفس، وكان محبوباً وأكثر قرباً من الناس، أما إذا كان دائماً يتتبع زلات الناس، وينشر عيوبهم وخطاياهم، فسينفر منه الجميع، وسيفضحه الله، حتى ولو كان في بيته.

Email