فلذات أكبادنا في المدرسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليوم تعود فلذات أكبادنا إلى مقاعد الدراسة في مستهل عام مدرسي جديد، ومعهم تخفق قلوب الآباء والأمهات بمشاعر دفّاقة نحو هذا النشء الذي نراه يمشي على مدارج المستقبل وننتظر اللحظات بشوق حتى نراه وقد نضج عوده واشتد، وأصبح عوناً للوطن وللأسرة.

حكومتنا الاتحادية اختارت أن تحتفي بهذه المناسبة على طريقتها وبمبادرة مشكورة من معالي وزيرة الدولة للسعادة وجودة الحياة فأطلقت سياسة «العودة إلى المدارس» التي تهدف إلى التيسير على الآباء والأمهات العاملين في الحكومة الاتحادية مع بداية العام المدرسي الجديد، وتمكينهم من مرافقة أطفالهم إلى المدارس والحضانات في اليوم الدراسي الأول ما يشكل أهمية كبرى في حياة الأطفال والأسر على حد سواء.

لكننا نريد لهذه الخطوة المشكورة أن تكون بداية لمشروع متكامل لتعزيز الشراكة بين أولياء الأمور والمعلمين، بين الأسرة والمدرسة، بين المنزل والإدارة المدرسية، من أجل تحويل العملية التعليمية إلى تجربة ممتعة لا تتوقف عند باب المدرسة، وإنما ترافق الطالب بشكل ممتع ومثير لاهتمامه ومستفز لحواسه في بقية يومه.

لهذا أتمنى على إداراتنا التربوية أن تدرس الفكرة المطبقة في الغرب وهي تخصيص أيام للأنشطة التعلّمية المشتركة بين الأب والطالب أو بين الأم والطالبة، بحيث يشتركان معاً في التبادل المعرفي والذهني واستخلاص النتائج، وقد أثبتت التجارب العملية فعالية هذه الفكرة في التقريب بين الأبوين وأبنائهما وتعزيز الفهم المشترك وتعريف الأبوين بشكل عملي على القدرات الحقيقية لأبنائهما.

نحتاج هذه الفكرة بشدة، حتى لا يبقى الأبوان أسيرين لعالمنا ذي الإيقاعات السريعة ولا يعرفان عن أبنائهما شيئاً إلا القليل والسطحي فقط.

أتمنى إحياء شكل جديد من مجالس أولياء الأمور على مستوى المدارس وليكن مشتركاً بين المعلمين والآباء بحيث يعزز الأدوات المشتركة كفريق تربوي واحد وليس كفريقين متضادّين، وسيكون أجمل من ذلك تأسيس مجلس للتربية والتعليم على مستوى كل منطقة تربوية يضم إدارة المنطقة مع ممثلين عن مديري المدارس ومعلميها، وطلبتها وأولياء أمور، تكون مهمته تقديم الرأي للقيادات التربوية المحلية والوزارية.

اليوم، حين يبدأ أبناؤنا يومهم الأول في عامهم المدرسي الجديد يقف الوطن كله محيياً ومرحباً فهؤلاء هم أمل المستقبل الذين ينظر إليهم الوطن وقادته وأبناؤه لأنهم قادة الغد وورثة الرسالة. لذلك أتمنى على الإخوة المعلمين وخاصة الجدد منهم أو من يستقبلون صفوفاً جديدة التنبه لعمق وأهمية دورهم اليوم.

أتمنى أن تغرس في نفوسهم اليوم صورة إيجابية عن وطنهم، وعن مدرستهم، وعن معلميهم، تصدّقوا عليهم بالابتسامة، وأسعدوا قلوبهم بالأسلوب الجميل، ولكن ربّوهم بالحزم والتعليمات التربوية الواضحة والانضباط الصفي وعدم التهاون في الواجبات الصفية والمنزلية.

حاوروهم ونمّوا فيهم مَلَكة التفكير العلمي المبدع، ولكن في الوقت نفسه اغرسوا فيهم احترام دينهم ووطنهم وقيم بلادهم وسنع أهليهم.

دعونا نتذكر اليوم أنهم أكثر من أمانة في أعناقنا... إنهم، يا إخوتي المعلمين ويا أخواتي المعلمات، أبناؤنا وبناتنا وقبل كل ذلك: فلذات أكبادنا!

Email