الإمارات في العيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعاتكم. ها قد بدأنا أسبوع عيد الأضحى المبارك بعد أن تكرّمت علينا الحكومة مشكورة ببدء الإجازة مبكراً. ونحن في الإمارات، بحمد الله، كوننا مجتمعاً مسلماً متكافلاً مترابطاً يعني لنا العيد الكثير في تقاليدنا وعاداتنا وتواصلنا المجتمعي وقيمنا وسنعنا.

صحيح أن الدنيا تغيرت، وعادات الأفراد وطباعهم لم تعد كما في السابق، وظروفنا نحن تطورت كوننا مجتمعاً انتقل في عقود قليلة من حال مادية إلى حال مادية مختلفة أخرى تماماً، ومن ينظر إلى فوالة العيد مثلاً (في عيد الفطر) كيف كانت في السابق، وكيف أصبحت اليوم، يدرك حجم هذا التغير.

لكن الصحيح أيضاً أن «نفوسنا» لم تتغير، وما زالت الطيبة هي الأساس عند أبناء الإمارات، جزءاً من الخلق القويم والسلوك الحميد الذي تربينا عليه وورثناه عن شيوخنا وآبائنا وتعلمنا من ديننا الحنيف وتقاليدنا الأصيلة.

لذلك عندما أنظر إلى عيد الأضحى المبارك اليوم أتمنى ألا تشغلنا السوشيال ميديا عن التواصل الاجتماعي الحقيقي، لأن كل «مسجات التويتر والسناب» وغيرها لا تساوي قبلة واحدة على جبين والدك أو والدتك، أو فنجان قهوة ترتشفه في بيت ربيعك اللي من زمن ما شفته، أو لقمة هنية تتشاركها مع قريبك العسكري الذي جاء في إجازة ليقضي العيد في البلاد، بينما يروي لكم قصص العز والفخار في جبهات القتال ضد الشيطان الأسود في اليمن.

التواصل الاجتماعي في معناه الحقيقي يعني أن نتواصل «نحن» بوصفنا بشراً، لا أجهزة. لذلك أدعوكم بمحبة أن تتركوا أجهزتكم جانباً وتقفلوا حساباتكم في أيام العيد، وبدلاً من ذلك اخرجوا من «معسكرات الكوفي شوبز» واستنشقوا الهواء الطبيعي، هواء المحبة والوئام والتعاضد، هواء الإمارات ومجتمعها المتكاتف المتكافل.

جميل في العيد أن نزور الأيتام، والمرضى وندعو لموتانا وموتى المسلمين، وأن نعيد الصلات التي انقطعت لسبب أو آخر، وأن نتوقف قليلاً عن «البزنس» لنمارس «الحياة»، وأجمل من ذلك كله أن نستيقظ يوم العيد مبكرين لنصلي الفجر حاضراً في جماعة، ثم نتوجه لنقيم شعيرة من شعائر الله، ألا وهي صلاة العيد في المصليات التي تعلنها الأوقاف.

جميل أن تكون في العيد «مرشداً اجتماعياً» لأبنائك، خذهم معك ليزوروا كبار السن والأقارب، وليتعلموا سنعنا بالتعامل المباشر مع الناس، وكيف نوجّب الناس، سواء كنّا ضيوفهم أو كانوا ضيوفنا. ويكمل هذا الجمال أن تأخذ أبناءك لتزوروا جامع الشيخ زايد وواحة الشهداء ومتحف الاتحاد ومتحف المستقبل ومتحف الإمارة التي تعيش فيها لكي تريهم في العيد من أين جاءت الإمارات وإلى أين تتجه، قبل أن تأخذ بعد في الجولة الترفيهية التي وعدتهم بها.

وجميلٌ، جميلٌ جداً أن تقدّم لأبنائك في العيد دورة مجانية عن عمل الخير، اجعلهم يتنافسون في ابتكار أفكار جديدة لعمل الخير واستخدم مخيلاتهم النشطة لكي تبني على تلك الأفكار وتحولها إلى مبادرات عائلية عملية، ومستدامة، ولكن تذكر أن عمل الخير لا يعني الشق المالي وحده.

أمامنا أسبوع من الراحة أيها السادة، ترى أي راحة أفضل من طاعة الله؟

Email