الإرهاب والفساد

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل سمعتم آخر نكتة: حكومة تنظيم الحمدين تحارب الإرهاب؟ لا، هذه قديمة، النكتة الجديدة تقول إن حكومة تنظيم الحمدين تكافح الفساد حتى أنها أسست في جنيف مركزاً لحكم القانون ومكافحة الفساد! أظنكم ستقولون إنها نكتة «بايخة» ولكم الحق في ذلك. فلأن سجل تنظيم الحمدين الأخلاقي والمالي والقانوني الفاسد لا يسمح لهم بهذا الادّعاء، لم يعد أحد يضحك فضلاً عن أن يصدّقهم حين يزعمون مكافحة الفساد، والزعم كما لا يخفى عليكم: مطيّة الكذب.

والواقع أن هذا المركز تحوّل، وبشهادة الإعلام الغربي، إلى فضيحة لامتناهية حول فساد تنظيم الحمدين ككل، وفساد القائم على المركز خصوصاً وهو المدعو علي بن فطيس المري الذي يشغل منصب النائب العام القطري، برتبة وزير، والذي أصبح الآن في نظر العالم الأيقونة الرمز لفساد النخبة الحاكمة في الدوحة ومن يدورون في فلكها.

فالمري، على ما أوضحت صحيفة لوبوان الفرنسية المعروفة بصدقية وعمق تحقيقاتها الاستقصائية، ورغم أنه من أسرة متواضعة الدخل ولم يعرف عنه العمل بالتجارة أو وجود مصدر دخل غير الوظيفة الحكومية، اشترى لنفسه فجأة في أكتوبر 2013 مبنى من ثلاثة طوابق في 83 شارع ديينا قرب قوس النصر في العاصمة الفرنسية باريس بمبلغ يقارب عشرة ملايين يورو كما اشترى منزلاً خاصاً على ضفاف بحيرة جنيف تجاوز سعره الستة ملايين يورو، وهو ما جعل العديد من المراقبين يتساءلون عن مصدر الثروة المفاجئة التي هبطت على هذا الناشط في «محاربة الفساد»، خاصة أن متوسط دخل كبار الموظفين في الحكومة القطرية لا يتجاوز 12 ألف دولار شهرياً.

أما ما يسمى مركز حكم القانون ومكافحة الفساد الذي أسسه ابن فطيس في جنيف فقد وجد صحافيو لوبوان أنه يقع في مبنى مسجّل باسم مها ابنة علي بن فطيس قيمته حوالي 3.3 ملايين يورو، ومها هي طالبة جامعية مقيمة في الدوحة تشارك والدها أيضاً في شركة عقارية في جنيف بالملايين دون معرفة مصدر الثروة التي تأسست منها الشركة، ومعروفة أسعار المباني في جنيف، كما تم توكيل إدارته إلى عبد السلام ابن شقيق ابن فطيس البالغ من العمر 22 عاماً. لكن المفارقة الحقيقية هنا أن المركز يخدم غرضاً واحداً فقط وهو تصوير تنظيم الحمدين بأنه نظام يدافع عن القانون ويحارب الفساد بينما التنظيم ككل والمركز نفسه ينخرهما الفساد من جذورهما.

أما الأسوأ فهو ما أشارت إليه صحف فرنسية عدة حول علاقة المذكور بفضيحة أخلاقية بطلتها وزيرة فرنسية سابقة في عهد ساركوزي وصلت إلى حد تعيين شقيقتها في مكتبه لتغطية زياراتها المتكررة إلى الدوحة.

الصحيفة الفرنسية لوبوان كانت محقة في طرح سؤال مهم في ختام تحقيقها الاستقصائي حول فساد النائب العام القطري متسائلة ما إذا كان ما يقوم به علي بن فطيس المري هو مجرد محاولة لتبييض صورة تنظيم الحمدين وصرف الأنظار عن حالات الرشاوى وشراء الأصوات التي ارتبطت بملف إسناد كأس العالم 2022 لقطر.

أعتقد أننا جميعاً نعرف الإجابة المضمنة في سؤال لوبوان هذا، وهو أن تنظيم الحمدين يقدّم لنا اليوم استخداماً جديداً لمفهوم «حاميها حراميها»! براڤو!

belhouldherar@gmail.com

Email