قمم في قمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

القمة العالمية للحكومات التي انعقدت في دبي الأسبوع الماضي ليست حدثاً عادياً في أجندة فعاليات الإمارة، وهي كثيرة، وذلك لأن هذه القمة تحولت منذ انطلاقتها الأولى إلى حدث سنوي تحرص كثير من الحكومات والجهات الدولية وحتى الهيئات الأكاديمية وكبريات الشركات العالمية على متابعته والمشاركة فيه، لماذا؟ لأنها رسالة دولة الإمارات الحضارية إلى عالم اليوم حول الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه الحكومات.

وهذه القمة تمثل النموذج الأفضل لفكرة القيمة المضافة لما يتم تنظيمه في الدولة من فعاليات ومؤتمرات ومهرجانات، فالفكرة القديمة التي كانت تفترض أن كل فعالياتنا هي للتسوق انتهت وتلاشت، لتحل محلها مؤتمرات وفعاليات ذات قيمة مضافة ليس إقليمياً فحسب وإنما عالمياً أيضاً.

وبعد أن كان المختصون يتوافدون على الدولة بشكل رئيسي من دول المنطقة، أصبحوا اليوم يأتون إليها من كل حدبٍ وصوبٍ، وتطول قائمة الفعاليات والمؤتمرات والأنشطة التي تلبي ذلك سواء ما أقيم منها أو ما سيتم تنظيمه في السنوات المقبلة مثل دبي إكسبو 2020 والأولمبياد الخاص وغيرهما.

لكنني سأتوقف عند قمة الحكومات لأكثر من سبب، فهي أولاً ترسّخ موقع دولة الإمارات وحكومتها (الاتحادية والمحليات) في صدارة حكومات العالم من حيث الأداء الوظيفي وعلى الأخص خدمة الناس، والأمر هنا لا يتعلق بالإمكانيات المادية، فنحن لسنا الوحيدين الذين نملك المال، لكنه يتعلق بالرؤية والقيادة والإرادة السياسية، وهو ما أنعم الله تعالى به علينا متمثلاً في قيادتنا الرشيدة.

ومن ناحية ثانية، فإن قمة الحكومات جعلت حكومات العالم تتعامل مع حكومة الإمارات باعتبارها المختبر التجريبي لمستقبل الإدارة الحكومية ومبادراتها، ولا أدل على ذلك من اهتمام حكومات كثيرة بتجربة حكومة دبي 10× التي تطبق اليوم ما سيطبقه غيرها بعد 10 سنين.

وقد لفت انتباهي في قمة هذا العام المشروع البحثي التجريبي الذي نظمته القمة لجامعات ومؤسسات بحثية غربية للتنافس في تقديم حلول علمية معتمدة على البحوث لمسائل مختلفة حول مستقبل الحكومة. وهذا يعني أننا تجاوزنا الارتجال في التخطيط للمستقبل إلى العمل العلمي المنظم والموجّه والمدروس، وهذه ميزة كانت في السابق مقتصرة على حكومات قليلة وعلى عمليات حكومية محدودة، لكنها في الإمارات اليوم تصبح ميزة عامة للحكومة وفي مختلف مجالاتها التطبيقية.

بالطبع قد يسأل سائل هنا: وماذا سنستفيد نحن كإماراتيين من ذلك؟ إذا كنت لا تدرك حتى الآن ماذا يعنيه تميز الدولة وارتباط اسمها بالمركز الأول في عشرات الأنشطة والمؤشرات العالمية، فيكفي أن أذكرك أن تطوّر عمل الحكومة، اتحادية أو محلية، يجعل حياتك وأعمالك أيسر وعيشك أرغد، وقضاء مصالحك أسهل وأسرع، كما إنه يفتح الأبواب على مصاريعها أمام أبنائك وأحفادك للحصول على أفضل مستويات التعليم النوعي، وفرص العمل بمعايير عالمية. وكل ما توفره القمة من تميز فالمواطن شريك أساسي في ثماره.

وبعد، فهذه المقالة إهداء لمن لم يسمعوا عن إنجازات القمة الحكومية قدر ما سمعوا عن فعالية أكبر كوب شاي في العالم التي نظمتها إحدى الشركات التجارية قبيل القمة، معتقدين أن هذه هي إنجازات دبي، وأذكرهم بأن الفعاليات التسويقية للشركات المختلفة ليست هي ما يصنع دبي لا حاضراً ولا مستقبلاً!

Email