وحدتنا من سنع زايد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقع على عاتقنا نحن، أبناء الإمارات الذين منّ الله تعالى علينا بأن عشنا في زمن أبينا زايد، مسؤولية مضاعفة تجاه الوطن وتجاه أجيال المستقبل ألا وهي مسؤولية الحفاظ على سنع زايد رحمه الله بما فيه من تقاليد حميدة وقيم وطنية رشيدة ومكونات إيجابية لمواطنتنا الصالحة تستند إلى ما ورثنا عن زايد وصحبه الكرام وآبائنا وما تعلمناه من ديننا الحنيف وتراث شعبنا وأجدادنا.

سنع زايد ليس ميراثاً مادياً، بل موروث متكامل يعكس الصورة الصحيحة للبيت الإماراتي المتوحد، وباب المفاضلة الوحيد المقبول فيه هو التنافس على العطاء لهذا الوطن المعطاء، لذلك فالوحيدون الذين من حقهم أن يتفاخروا على غيرهم من الإماراتيين هم الشهداء؛ الذين بذلوا حياتهم غالية وثمينة ونبيلة في سبيل الله ثم الوطن، وليس لأحد غيرهم مثل هذا الحق.

وحين نصف دولتنا الحبيبة دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها البيت المتوحد فنحن لا نأتي من فراغ، لأن الوحدة الحقيقية لا تنجح بالاتحاد السياسي فقط، وإنما بتآلف القلوب وتوحد الشعب وتصافي الأنفس وتكاتف الأيدي وتعاضد العقول. هل فهمنا الآن لماذا كان "موحّد الدولة" زايد رحمه الله حريصاً على إنشاء مكتب لحكومة أبو ظبي يهتم برعاية أبناء الإمارات الأخرى في وقت كان أبناء الإمارات الأخرى من ناحية القانون والسياسة رعايا دول أخرى!

ولكنه رحمه الله أدرك بواسع بصيرته ألا نجاح للاتحاد السياسي إذا لم تتوحد القلوب قبل الحدود.

وهل نفهم الآن لماذا لا تحتفل دولتنا بيوم الاستقلال عن بريطانيا؟ لقد تعمد زايد وراشد وإخوانهما من الآباء المؤسسين رحمهم الله ألا يبقى في وجدان أي واحد منا فكرة وجود أي إمارة ككيان سياسي منفصل عن بقية الإمارات، لذلك فإن استقلال الإمارات المنفردة عن بعضها لم يدم سوى دقائق هي الفرق بين توقيع اتفاقية إنهاء الانتداب وخروج المعتمد البريطاني ثم توقيع اتفاقية اتحاد الإمارات. هذا مقدار بعد نظرهم رحمهم الله وتخطيطهم لنا ولمستقبلنا ولأجيالنا، فماذا نحن فاعلون بهذه الأمانة؟ نعم، ماذا نحن فاعلون؟

لهذا نقول اليوم وبأعلى صوت، إن من يحاول أن يعبث بهذه الوحدة-الميثاق، ولو بكلمة، يرتكب جريمة لا تغتفر ولا تقل في أذاها وإساءتها عن جريمة الخيانة، لأن بنياننا المرصوص لا يجوز أن نعبث به، ولا يجوز أن نسمح لأية أجندات أو هفوات أو حتى طموحات شخصية أن تسلبنا أغلى ما نملك في هذه الدولة: اتحادنا المتين، وكم أتمنى شخصياً أن تعدل القوانين المناسبة لإيقاع أشد العقوبات بحق من يعبث بالنسيج الوطني المتلاحم حتى لو كان مازحاً.

وبعد، فيا بني وطني المتوحد، لقد كانت وحدتنا، من ناحية مادية، من "صنع" زايد رحمه الله، لكنها من ناحية معنوية وثقافية وتراثية وأخلاقية: من "سنع" زايد. وطوبى للذين يدركون كم هو عميق وضارب في جذور التاريخ وموغلٌ في استشراف المستقبل ... الفرق بين هاتين العبارتين!

Email