ليتهم يبدؤون بالرياضة قبل الطائرات

لا أحد في العالم يحب الحروب أو يبتهج لطبولها، برغم غاياتها البراقة أحياناً. إن الحروب كريهة قديماً وحديثاً، صغيرها وكبيرها. ولشدّة ما يألم له الإنسان فيها، هو ما يعقبها من دمار في الأنفس والأموال والموارد، وما تخلفه من كوارث وضحايا ومآسٍ إنسانية.

قد يتساءل المرء: أليس لهذه الحروب من نهاية؟ بلى. لكن علامة نهايتها لم تظهر بعد، فهي تنتهي متى ما ارتفعت نسبة الحكماء والعقلاء، وانخفضت بالمقابل نسبة الجشعين والمجانين، الذين ينادون بتغيير العالم، بينما يفشلون في تغيير أنفسهم نحو السويّة الإنسانية.

كم يتمنى المرء على الدول المتنازعة، أن تستخدم بدلاً من المدافع والصواريخ والطائرات، الرياضة بأنواعها، عاملاً مشتركاً يتفق عليه الجميع. والفكرة ليست جديدة بل استخدمتها دول كثيرة في العالم، على اعتبار أن الرياضة نافذة لفهم العالم، تكشف منافساتها ملامح عن الثقافة والسياسة الدولية، بل ألهمت الرياضة في مثل هذه الظروف الحركات الاجتماعية بأفكار مبتكرة.

من الأمثلة على ذلك بقصص واقعية وإنسانية مشوقة: دبلوماسية كرة الطاولة «بينغ بونغ دبلوماسي» بين الولايات المتحدة والصين عام 1971، عبر مباراة ودية بكرة الطاولة، مهدت لزيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لبكين.

هدنة عيد الميلاد خلال الحرب العالمية الأولى عام 1914، أتت بعد مباراة بكرة القدم أقيمت في ميدان المعركة، بين الجنود البريطانيين والألمان، في لحظة إنسانية نادرة أوقفت القتال مؤقتاً وفي ظروف حالكة.

مباريات الكريكيت بين الهند وباكستان إذ شكلت منصة للتقارب الشعبي والرسمي، واستخدمت كأداة دبلوماسية لتخفيف حدة النزاع وفتح قنوات للحوار. جنوب أفريقيا بعد الفصل العنصري، استضافت كأس العالم للركبي عام 1995. كان للحدث دور كبير في توحيد الشعب الجنوب أفريقي بعد عقود من التمييز العنصري، وأعانت الرئيس نيلسون منديلا على المصالحة الوطنية.

الرياضة، بهذا المعنى النبيل لا يعود التنافس فيها ترفيهاً، بل قوة لبناء الجسور بين الشعوب، وفتح ما استغلق من قنوات للحوار.