غياب لافت لمؤشرات صناعة النشر

دُعيت إلى إحدى الندوات المحلية، موضوعها صناعة النشر والتوزيع، وكان الكتاب محورها الرئيس. بعد الانتهاء، طلبت الجهة الداعية كتابة بعض التوصيات التي نراها ذات فائدة عمليّة.

أوصيت بتوفير «مؤشر الكتاب الوطني National Book Index»، الذي تصدره المكتبات الوطنية غالباً على نحو دوريّ، ليصبح مرجعاً مهماً يفيد منه طلبة الجامعة والباحثون والكتّاب. في بعض البلدان يسمّون المؤشر «إحصاءات النشر الوطني». لا أميل شخصياً لهذا المسمّى وهنالك أسباب.

يُعنى المؤشر - وهو بمثابة قاعدة بيانات أو تقرير - برصد عدد الكتب المطبوعة سنوياً في دولة ما، مع تصنيفها حسب طبيعة المحتوى «أدبي، فني، اقتصادي، سياسي، علمي وغيرها من التصنيفات».

ويُستخدم لمعرفة تطور صناعة النشر وتنوعها الثقافي والمعرفي. ويعتمد كأداة قياس للكشف عن اتجاهات القراءة والتأليف، ما يساعد صنّاع القرار والباحثين على فهم ديناميكيات سوق الكتاب وتوجهات المجتمع.

مصر تعدُّ رائدة بين الدول العربية في اعتماد مؤشر كهذا، تصدره الهيئة العامة للكتاب ومكتبة الإسكندرية، تليها أخريات كالمغرب وتونس ولبنان والجزائر. في أوروبا، تعد فرنسا وألمانيا رائدتين في إصدار مؤشرات رسمية لحركة الكتاب منذ بداية القرن الـ20، ثم لحقت بهما بريطانيا وأمريكا فاليابان.

اللافت أن معظم الدول العربية لا تملك مؤشراً حديثاً ومنتظماً للكتاب، باستثناء تقارير الإيداع القانوني. ومن أسف القول إنه غالباً ما تكون مثل هذه البيانات غير متاحة للعامة، وغير مصنفة بدقة موضوعية تحاكي مثيلاتها الغربية.

إن الفوائد التي يمكن أن يحققها مؤشر قياس تطور صناعة الكتاب والنشر، كثيرة ومهمة، من بينها: بيانات لصنّاع القرار للمساعدة على رسم السياسات الثقافية والاقتصادية والسياسات العامّة، وتشجيع الاستثمار ودعم الصناعات الإبداعية، وتحفيز الابتكار والتنافسية، ودعم البحث العلمي والتخطيط الاستراتيجي، ورصد التحولات الثقافية الاجتماعية، فضلاً عن تعزيز حضور الكتاب المحلي في المعارض الدولية.

مقطع القول: المهم ألّا يُعامل مؤشر النشر كأداة إحصائية بل كرافعة استراتيجية.