تتذكر إحدى السيدات، التي كانت تعمل مضيفة طيران، موقفاً أثّر فيها كثيراً؛ فقد غرس أحد الركاب بطيبته وحضوره الاستثنائي ذكرى لا تزال محفورة في ذاكرتها حتى اليوم.
ففي إحدى الرحلات كانت المضيفة مكلفة بتوزيع الوجبات على الركاب، ولعدد المسافرين الكبير كانت توزع الأطباق دون أن تلتفت إليهم، وهي تسمع كلمة «شكراً» تتردد خلال توزيعها دون توقف، ولكن استوقفتها ردة فعل أحد الركاب لأنه لم يأخذ الوجبة مباشرة كالبقية، لذا التفتت إليه فقال لها: «أود أن أقدم لكِ جزيل الشكر على هذا العمل العظيم الذي تقومين به لوحدك».
تقول المضيفة أنها عجزت عن وصف طيبة ورقي هذا المسافر، فقد شعرت حينها وكأنه الوحيد في هذه الرحلة، وذلك لأنه استخدم بذكاء قاعدة الشكر الممتد، وهو ذكر أسباب الشكر التي تعطي قيمة عاطفية كبيرة لدى المتلقي.
أحياناً قد لا تكون كلمة الشكر وحدها كافية لتعزيز صدق الامتنان، وقد لا تلامس قلب الشخص أو تشعره بأهميته وتقديرك له.
أما قاعدة الشكر الممتد الذي يتبعها ذكر السبب، فيُعد من مظاهر الذكاء الاجتماعي، إذ يعكس وعياً في انتقاء الكلمات، وصدقاً في التعبير، الذي يُشعر الطرف الآخر بأنه محل تقدير حقيقي وأن اهتمامه لم يكن بلا قيمة، كما أنها تقوّي الروابط الإنسانية سواء في المحيط الأسري أو المهني أو الاجتماعي.
أما غياب هذه القاعدة فيؤدي إلى فتور المشاعر وجفاف العلاقات؛ فكلمات الشكر العامة قد تُفهم أحياناً على أنها مجاملة سطحية أو واجب اجتماعي، لا تعبير صادق عن الامتنان.
ومع مرور الوقت، يفقد الشكر معناه الصادق، وبالتالي يشعر البعض أن جهودهم لا تُقدّر، ما يُضعف روح المبادرة ويقلّل من التعاطف والتواصل العاطفي بين الناس.
في الواقع، قاعدة الشكر الممتد ليست مجرد لباقة، بل هي فن من فنون التواصل الفعال مع الآخرين، يُجسّد الاحترام والتقدير، ويعكس وعياً بالمواقف التي تستحق حقاً الامتنان.