غاية الرياضة جودة الحياة لا أكثر "2-2"

ليس كل من تحدث في الرياضة هو شخص رياضي، كما أن الحديث عنها قد لا يصدر بالضرورة من كاره لها.

وقلنا إن الرياضة تظل مهمة وممارستها ضرورة لا غنى عنها، ولا نتصور حياة معافاة وسعيدة من دون أن يكون للرياضة فيها مكان. لا جدال. المبالغة هي المشكلة.

إعلاء الرياضة فوق ضرورات الحياة الأخرى، يجعل الأمر غير مقبول. يخلُّ بالتوازن النفسي لدى الإنسان.

كمثال، تجد عبر الشبكة، أن أغلب برامج القنوات الفضائية وأذرعها الإذاعيّة، تحظى الرياضة فيها بمساحة بث واسعة شبه يومية، وفي أحيان كثيرة يعاد بث مادة الرياضة على فترتي النهار، الصباحية والظهيرة، خلافاً عن بقية المواد باستثناء النشرات الإخبارية، من بين الاقتصادية والطبية وشؤون الأسرة والمنوعات وقليلاً من التقنية.

هذه تحظى بالنذر اليسير مساحة واهتماماً، إلى حد تحسبها تأتي من باب تعبئة الفراغ بين برنامجين. أما إذا بلغ تحفظُك البنّاء مسؤولاً في هذه القناة أو تلك، أتاك الرد سريعاً، بأن الرياضة مرغوبة وجمهورها كبير، خاصة كرة القدم، وبالتالي علينا تلبية ما يرغبه الجمهور.

إنه الاجتياح الطاغي للرياضة. ظاهرة تتكرس كثيراً في أكثر من مكان، بما فيها دول الخليج كافة. هي لا تستند إلى قاعدة علمية أو منهاج تربوي.

هو اقتحام لافت لمساحات الإنسان الأخرى، الروحية والنفسية والفكرية وحتى الترفيهية الهادفة، تظل فارغة مهملة غير ملباة.

لا عاصم اليوم من هذا الزحف الذي لم يترك للإنسان مكاناً خاصاً يلوذ به للاحتماء أو ترميم النفس، أينما تكون يلاحقك «الفيفا» والاتحادات الرياضية بأخبارهم، وها هو «الفيفا» يصادق ميزانية قدرها 13 مليار دولار أمريكي لدورة 2023 ـ 2026.. تصوّر.

لذلك، الخشية أن يعتمد عالمنا المعاصر، نظرية الإمبراطورية الرومانية في القرن 2 للميلاد، هي توفير «الخبز والسيرك»، كما يصف شاعرها الهجّاء «جوفينال»: لقد صممت إمبراطوريتنا عملية لإسعادنا بالحبوب والسيرك، لنكف عن تطفلنا المزعج على قضايا لا علم لنا فيها.