الشخص الذي لا يحب ممارسة الرياضة، يبعث على الشك بأنه يعاني من مانع بدني أو نفسي، يعيقه عن الشعور بهذه المتعة الكبيرة. ونسبة مثل هذا الشخص في المجتمع ليست قليلة؛ فأحدهم لا يمارس حتى رياضة المشي اليومي، غير المكلفة، برغم حقيقة أن الإنسان خلق في الأساس مشاءً، لكنه في غمرة التشتت نسي «فامشوا..»، وغلب عليها ضرورة غير حميدة، هي البقاء في دائرة الراحة - comfort zone لا يغادرها؛ فهاجمته الأمراض التي لا تعرف لبعضها مصدراً أو علاجاً، بينما كان بمقدوره قطع بضعة مئات من الأمتار فقط، لا الآلاف، ليبتعد سنين عن أمراض العصر، ويضمن الابتسامة والقبول لدى الآخرين؛ فالصحة والنضارة والقدرة على اللين في التعامل والنظر إلى الأمور بحجمها الحقيقي، هذه كلها تعززها الرياضة لتشكّل رأسمالك البدني النفيس.
ترى، هل العزوف عن الرياضة له علاقة بالوعي بأهميتها من عدمه؟ شخصياً لا أعتقد؛ إذ ثمة أكثر من وسيلة اليوم لتشكيل وعي الفرد.
أم أن العزوف له علاقة بإصرار الشخص على عدم التخلص من العائق المانع لممارسة الرياضة، أياً كانت طبيعته، ليعود بعدها إلى حياته الطبيعية التي ما هي إلا الحركة؛ القاعدة الأساس التي انطلقت منها كل الرياضات في العالم بمختلف مسمياتها، منذ الدورة الأولى لأولمبياد أثينا الحديثة عام 1894 وحتى اليوم؟ أقول ربما.
مقطع القول إن في الاعتدال حكمة؛ فموازنة بين ما تريده من الرياضة لجهة الصحة العامة والحفاظ عليها، وضمان حيوية مستمرة، وجودة في العمل والإنتاج، مع شيخوخة هادئة بلا مفاجآت، وبين الهوس النفسي بالرياضة والاهتمام الهستيري بتفاصيلها، بحيث تنام وتصحى على أخبارها ومتابعة أحداثها والدخول في معارك ضارية من أجلها، متناسياً أن الغاية من الرياضة في الأساس، هي جعلك قوياً في مواجهة تحديات الحياة ومقتضياتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والمتعة وفقاً لمبدأ ألا تنسى نصيبك في هذه الدنيا. عن «الفيفا»، ولِمَ أسّس اليونانيون الرياضة؟ للحديث بقية.