قوة الاستثمار الناعمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في العصر الحديث، لا تقاس مكانة الدول ونفوذها بالمساحة وعدد السكان، ولكن بمدى تأثيرها في محيطها الإقليمي وكذلك الفضاء الدولي، وتختلف قوة كل دولة بحسب ما تمتلكه من أدوات تأثير، فبعض الدول لديها نفوذ سياسي، وأخريات لديها ثقل تجاري واقتصادي، وفريق ثالث يمتلك نفوذاً ثقافياً وحضارياً، ولكن دولاً محدودة تمتلك مزيجاً سحرياً من كل ذلك، فيما اصطلح على تسميته بـ«القوة الناعمة».

وفي ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم يومياً، ومع تحول الاقتصاد إلى المحرك الأساس في العلاقات الدولية، متخطياً السياسة، أصبح للقوى الناعمة للدول أشكال جديدة أكثر قدرة على التأثير والنفوذ من قوة السلاح والعتاد.

ومنذ تأسيسها أدركت الإمارات هذه المتغيرات، ولذا اعتمدت نهجاً مغايراً في علاقاتها الدولية، تُوج في السنوات الأخيرة بتصدرها قائمة الدول الأكثر عطاء وإنسانية، بحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وذلك بعد حلولها في المركز الأول عالمياً في تقديم المساعدات التنموية الإنسانية لعام 2016، قياساً إلى دخلها القومي، ولذا ليس مستغرباً أن نجد اسم الإمارات على كل لسان في كل منطقة تحتاج عوناً أو إغاثة.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يمتد إلى الاستثمارات الإماراتية المنتشرة في أكثر من 60 دولة حول العالم، وغالباً ما يستهدف الجزء الأكبر منها المناطق الأكثر حاجة إلى التنمية، لذا، لوحظ في الفترة الأخيرة التوجه صوب أفريقيا وأميركا اللاتينية، وتمارس الشركات والمؤسسات الاستثمارية الإماراتية أعلى درجات المسؤولية الاجتماعية تجاه الدولة المستضيفة للاستثمارات، بحسب تقارير منظمات حوكمة مستقلة.

ولأن الإمارات تدرك جيداً مزاياها النسبية وتسعى إلى تنميتها وتطويرها، جاء الإعلان عن تشكيل «مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة»، الرامي إلى تعزيز سمعة الدولة إقليمياً وعالمياً، وترسيخ احترامها ومحبتها بين شعوب العالم.

والمؤكد أن الاستثمارات الإماراتية، بما فيها الصناديق السيادية، التي تعد ضمن الأكبر في العالم، ستحقق في ضوء الإعلان عن هذا المجلس أهدافاً مزدوجة، فإضافة إلى العوائد الاستثمارية الجيدة، ستتعزز القوة الناعمة للدولة، ما سيزيد نفوذها وتأثيرها إقليمياً وعالمياً.

 

Email