وضعت الحرب أوزارها في غزة، لكن الوضع لا يزال هشاً بسبب سياسات إسرائيل المتأرجحة بين الحرب والسلام، وبين المصالح الضيقة لنتانياهو، وبقائه في السلطة، وبين مستقبل الدولة الإسرائيلية نفسها، التي باتت على المحك.
العالم قال كلمته في شرم الشيخ، وقعت الأطراف الاتفاقية التي طرحها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ووافق عليها كل زعماء القوى المؤثرة على المسرح الدولي، وقد تبع ترامب الاتفاق بإرسال مبعوثيه، ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، إلى المنطقة، وجاءت زيارة جي دي. فانس، نائب الرئيس الأمريكي، لتضع النقاط فوق الحروف.
وترغب في فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، تجعل العالم يلهث وراء مخططاتها، لإفشال الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، واستئناف مشهد الحرب والتأزيم في الشرق الأوسط بالكامل. إذا كنا نريد زيارة إلى المستقبل الآمن في المنطقة، فيجب أن تكون إسرائيل مدركة أن السلام هو الوحيد الذي يحفظ أمن الجميع، ودون ذلك فإن الحروب ستستمر.
فهي تريد احتلال شريط عميق في الجنوب اللبناني، يمتد إلى نهر الليطاني، أو تتدخل بين القوى اللبنانية المختلفة، بفتنة سياسية تستعيد معها أيام الحرب الأهلية السوداء، فتدخلاتها في الشأن اللبناني لا تخفى على أحد.
وتبدو رسائلها السياسية إلى الشعب اللبناني متضاربة، وتعمل ليل نهار على تصدير الاضطرابات إلى هذا البلد، الذي يعاني منذ أكثر من قرن من حروب واعتداءات خارجية، وحروب أهلية وطائفية.
كما أن الاتفاقيات التي يمكن أن توقع تحت الأجواء المتأرجحة في المنطقة لا يمكنها الصمود، ولا تؤدي إلى طريق السلام. إن مستقبل السلام يقوم على ركيزة أولى ووحيدة، وهي أولاً: الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ثانياً: احترام الحدود، وسيادة الدول على أراضيها، ومنع المغامرات التي تتوهم إسرائيل أنها قادرة على ارتكابها، وقتما تشاء، وكذلك احترام سماوات وبحار هذه الدول.
حان الوقت أن تخرج من هذه الدائرة المغلقة بفعل فاعل، والشاهد أن الإقليم العربي ضمن هذه الدائرة، يرغب أولاً في الاستقلال الاجتماعي والثقافي والسياسي دون انغلاق، ثانياً، فإنه يرفض أن يصبح مسرحاً للرماية وتصفية الحسابات والسباق على النفوذ.. لذا، فإن اللحظة مواتية لكي تطوي المنطقة صفحات القرن الدامي، وتكتب صفحات جديدة عنوانها: السلام والاستقرار.