مبادرة «قرى راشد»

في صفحات التاريخ تبقى أسماء لامعة تركت بصمات جميلة خالدة، بما قدمته من أعمال بر وخير وعطاء، ومن هؤلاء فقيد الشباب المغفور له الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، الذي عُرف بطيبة قلبه ونبل أخلاقه وكرمه وعطائه وكثرة إحسانه للفقراء والمحتاجين.

واليوم تنبثق مبادرة إنسانية رائدة من أرض الإمارات الطيبة، من دبي الخير والإنسانية، تحمل اسمه تخليداً لذكراه، بما يجسد ذلك من معنى عميق للوفاء، واستمرارية متجددة لعجلة الأعمال الخيرية والإنسانية ليصل عطاؤها المستدام إلى كل مكان.

«قرى راشد» مبادرة إنسانية عالمية، تترجم نهج الإمارات الراسخ في جعل الخير قيمة متواصلة لا تعرف الحدود، وتستمد اسمها من شاب ترك أجمل البصمات في قلوب المحتاجين، ليتحول اسمه إلى جسر يعيد الأمل في حياة الكثيرين، ويمنحهم أسباب الحياة الكريمة.

وتنطلق فكرة هذه المبادرة الإنسانية من بناء قرى نموذجية متكاملة، تمنح الأسر المتعففة السكن الكريم، وتفتح لأبنائها أبواب التعليم، وتوفر لهم الرعاية الصحية، لتكون بيئة حاضنة للعيش الكريم وصناعة المستقبل، لتمثل بذلك مشروعاً متكاملاً يعيد الأمل لهم ويبث السعادة فيهم، وأولى هذه القرى التي ترى النور في كينيا، لتشكل نقطة تحول في حياة مئات الأسر التي عانت طويلاً هناك من ضيق الحال وقسوة الظروف، لتنفتح لهم نوافذ الأمل من جديد، وتشرق لأطفالهم شموس السعادة والهناء.

ويلتقي في هذه المبادرة السكن الكريم بالتعليم والرعاية الصحية، لتتشكل بذلك ثلاثية تصنع الفرق الجوهري في حياة المجتمعات، فمن لا مأوى له لا يعرف الطمأنينة، ومن يُحرم من التعليم يُحرم من المستقبل، ومن يُترك بلا رعاية صحية يمسي عرضة للمعاناة والألم.

إن «قرى راشد» تمثل امتداداً طبيعياً لمسيرة العطاء الإماراتي الذي لا يعرف حدوداً زمانية أو مكانية، وهي مبادرة مستدامة تهدف إلى بناء قرية نموذجية كل عام، وذلك في مختلف بقاع العالم، إيماناً من دولة الإمارات بأن إسعاد الإنسان من أعظم المقاصد والغايات، وأن تمكينه من مقومات الحياة الكريمة يفتح أمامه المستقبل المشرق.

وتعكس هذه المبادرة الإنسانية المتميزة قيم التسامح والعطاء والرحمة التي تشكل جزءاً من الهوية الوطنية لدولة الإمارات، وما يتحلى به المجتمع الإماراتي قيادة وشعباً من حب الخير والإحسان والتضامن مع المحتاجين أينما كانوا.

والسعي الدؤوب لبناء واحات سعادة متكاملة في كل مكان، ليتفيأ ظلالها ويهنأ بخيراتها كل إنسان، ويظفر فيها بما يحتاج من مقومات الحياة، لتكون هذه المبادرات «قرى راشد» منارات مشرقة حول العالم، كما قال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع:

«هدفنا أن تصبح «قرى راشد» نقطة تحول في حياة الأسر المتعففة، أن تكون منارات أمل، مصدراً للحياة الكريمة، تجسيداً لرسالة دبي بأن الخير لا يعرف حدوداً، وأن العطاء نهج متواصل يزرع الأمل ويمهد الطريق نحو النمو والاستقرار».

ومع كل قرية جديدة تبنى ستتسع رقعة الخير، ويتحول المشروع إلى شبكة من المنارات الإنسانية التي تضيء شتى بقاع الأرض، وهذه هي دولة الإمارات، دولة الخير والإحسان، التي جعلت من العطاء نهجاً مستداماً، ومن السعادة هدفاً سامياً، وترجمت ذلك عبر أفعال ملموسة.

ومبادرات ينطق الواقع بتميزها وعظيم أثرها في المجتمعات، وما أعظمها من مبادرات يغرس بها الإنسان بذور الخير والبر والرحمة في الأرض، وينال بها عظيم الأجر والفضل والجزاء عند الله تبارك وتعالى، كما قال سبحانه: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}.

رحم الله الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، وأجزل له الأجر والمثوبة على كل ما قدم من خير وعطاء وإحسان للفقراء والمحتاجين، وما ترك من سيرة عطرة مؤثرة، لا يزال عبق عبيرها يفوح، ولا يزال أثرها العميم يتجدد عبر المبادرات الخيرية التي تحمل اسمه، ومنها هذه المبادرة الرائدة «قرى راشد»، لتظل دولة الإمارات بأبنائها الراحلين والباقين كما كانت دائماً، حاضنة للخير، وموئلاً للإنسانية، ومنطلقاً للمبادرات التي تصنع الفرق وتغرس السعادة في حياة الناس.