العمل معاً نحو عصر الذكاء الاصطناعي

عُقد مؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي 2025 والاجتماع رفيع المستوى لحوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية (WAIC) في مدينة شانغهاي خلال الفترة من 26 إلى 28 يوليو. حضر رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، حفل الافتتاح وألقى كلمة تحت شعار: عصر الذكاء:

التعاون من أجل عالم مشترك، حضر المؤتمر أكثر من 1500 خبير وأكثر من 800 شركة عالمية من أكثر من 70 دولة ومنطقة. وتجاوز عدد الزوار في منطقة العرض 300 ألف شخص، وبلغ إجمالي الاستثمارات في المشاريع الموقعة 15 مليار يوان صيني.

كما صدرت خطة عمل الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي في المؤتمر التي تهدف إلى تحويل التوافقات الدولية المهمة بشأن تطوير وحوكمة الذكاء الاصطناعي إلى إجراءات ملموسة، مما يرسم خارطة واضحة للمستقبل الرقمي العالمي.

تعد الصين ودولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر القوى الابتكارية في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم. ويشارك البلدان بنشاط في بناء نظام الحوكمة العالمي للذكاء الاصطناعي ويقودانه.. وهناك إمكانات كبيرة للتعاون بين الجانبين في مجال الذكاء الاصطناعي.

في مجال البحث الأساسي والتقنيات الجوهرية، أظهر تقرير صادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، أن الصين أصبحت أكبر مالك لبراءات اختراع الذكاء الاصطناعي في العالم في العام 2024 بنسبة 60%.

وفي أوائل العام 2025 أطلقت شركة ديب سيك (DeepSeek) الصينية نموذجاً عالي الأداء يضاهي النماذج الغربية الرائدة بتكلفة منخفضة للغاية، وتصدر خلال 6 أيام فقط قائمة التطبيقات العالمية الأكثر تنزيلاً على كل من متجر Apple وGoogle.

أما في جانب الحوكمة العالمية وصياغة القواعد، فقد طُرحت خلال مؤتمر WAIC ثلاث قضايا رئيسية حول الذكاء الاصطناعي تعنى بالرياضيات، والعلوم، والنماذج وهي موضوعات متطورة تتطلب تفكيراً واستكشافاً عاجلاً.

كما دعت الحكومة الصينية إلى تأسيس المنظمة العالمية للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز بناء نظام حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، مما يبرز صورة الصين كدولة كبيرة مسؤولة.

في أبريل من هذا العام، استضافت دبي أسبوع الذكاء الاصطناعي، حيث اجتمع أكثر من 10 آلاف خبير وصانع قرار ومبتكر وممثل عن شركات من أكثر من 100 دولة لمناقشة تقنيات الذكاء الاصطناعي الرائدة وتطبيقاتها.

وكما صرّح سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، خلال قمة دبي للذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت دبي مركزاً عالمياً للمبتكرين والخبراء والمطورين في مجالات الذكاء الاصطناعي.

من البحث التقني إلى التطبيق، ومن الأطر السياسية إلى التوسع في السوق، هناك إمكانات واسعة للتعاون بين البلدين.. فعلى صعيد العرض والطلب التقني، تمتلك الصين خبرات عميقة في البحوث الأساسية، وتطوير الخوارزميات، وتصنيع الأجهزة.. إلخ، وتتمتع بمنظومة صناعية متكاملة. وتمتلك الإمارات ميزة رائدة في مشروعات مثل المدن الذكية والحكومة الرقمية.

أما من ناحية الرؤية الحوكمية، فيشترك البلدان في مبدأ الإنسان أولاً، والذكاء من أجل الخير، ويولي اهتماماً كبيراً لمواجهة قضايا الأخلاقيات والأمن خلال عملية تطوير الذكاء الاصطناعي.

وتتناسق مناقشات الحوكمة العالمية التي تقودها الصين تحت إطار WAIC مع الاستراتيجية الإماراتية لتطوير أطر أخلاقية في مجال الذكاء الاصطناعي.

أنشأت الإمارات في عام 2019 أول جامعة في العالم متخصصة بالذكاء الاصطناعي، وهي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI)، أما الصين فقد ارتفع عدد الباحثين في الذكاء الاصطناعي من أقل من 10 آلاف في العام 2015 إلى 52 ألفاً في العام 2024 بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 28.7 %، مما يعكس زخماً استثنائياً.

يمكن للبلدين تعزيز تعاونهما عبر إنشاء برامج للمنح الدراسية، وتأسيس مختبرات مشتركة، وتبادل الطلاب والأساتذة، بما يسهم في إعداد جيل جديد من الكفاءات القادرة على دعم مستقبل الذكاء الاصطناعي.

وفي تطبيقات مثل المدن الذكية، تستطيع الصين، بفضل تفوقها في مجالات مثل الجيل الخامس، والحوسبة السحابية، ومراكز البيانات أن تدعم الإمارات في تنفيذ استراتيجيتها لبناء بنية تحتية رقمية، مما يعمق ويوسّع نطاق التعاون الثنائي في هذا المجال.

في ظل التنافس العالمي المعقد في مجال الذكاء الاصطناعي، تلتزم الصين والإمارات بمبادئ الانفتاح والشمولية والمنفعة المتبادلة. وكما يدعو مبدأ «نبحر معاً» الذي طرحه مؤتمر WAIC، فإن التعاون الصيني الإماراتي في مجال الذكاء الاصطناعي لا يخدم مصالح البلدين فقط، بل يسهم أيضاً في إيجاد حلول ذكية للتحديات المشتركة التي تواجه البشرية.

وعند مفترق طرق حاسم في تطور الذكاء الاصطناعي، فإن الصين مستعدة للعمل جنباً إلى جنب مع الإمارات وغيرها من الدول، لاستبدال المواجهة بالتعاون، والاحتكار بالتشارك، والانفراد بالحكم الجماعي، من أجل فتح آفاق جديدة لعصر الذكاء الاصطناعي المشترك.