يشهد العالم في السنوات الأخيرة تقدماً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي «AI»، حيث أصبح له دور حيوي في جميع القطاعات مثل الصحة، التعليم، النقل، والطاقة، وتعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تحقيق رؤية استراتيجية مستقبلية للاستفادة من هذه التقنية بما يحقق التطور والابتكار في مختلف المجالات، وفي هذا السياق، تبذل قيادتنا الرشيدة جهوداً كبيرة لضمان تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه بشكل مسؤول وآمن، وذلك من خلال سن التشريعات والسياسات وتطويرها وبالأخص الموجهة لهذا القطاع الكبير الذي يحظى باهتمام دولي وكان له اهتمام بشكل خاص في القمة العالمية للحكومات بدورتها 2025.
ومن هذا المنطلق، تعد دولة الإمارات من الدول الرائدة في استراتيجيات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط، ففي عام 2017، أطلقت الدولة «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي»، التي تهدف إلى تعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار في هذا المجال بحلول عام 2031، حيث تعتمد الاستراتيجية على تطوير التقنيات الحديثة وتحسين جودة الحياة، مع ضمان وجود إطار قانوني سليم وتنظيمي يحكم هذا المجال.
كما تتسم التشريعات بدولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي بتركيزها على ضمان حماية حقوق الأفراد والمجتمع، حيث أصدرت الدولة قوانين تهدف إلى حماية البيانات الشخصية للأفراد وضمان الشفافية في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، ينص قانون حماية البيانات الشخصية على ضرورة الحصول على موافقة الأفراد قبل جمع أو استخدام بياناتهم الشخصية وغيرها من النصوص التي تحمي خصوصية الأفراد وبياناتهم.
ومن جانب آخر أطلقت الإمارات «مكتب الذكاء الاصطناعي الوطني» في عام 2019 ليكون المسؤول عن صياغة السياسات والتشريعات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، ومن أبرز أهداف المكتب ضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بطريقة تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على الخصوصية والأمان، كما يسعى المكتب إلى تشجيع الابتكار وتطوير شراكات استراتيجية بين القطاعين العام والخاص لتطوير الحلول الذكية.
وأما فيما يخص تطبيق الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية، عملت الحكومة في دولة الإمارات على استخدام هذه التقنية لتحسين خدمات الحكومة الإلكترونية، كما تم تبني الذكاء الاصطناعي في مجالات الرعاية الصحية لتحليل البيانات الطبية وتقديم استشارات طبية دقيقة، وفي قطاع النقل لتنفيذ مشاريع مثل السيارات ذاتية القيادة.
ولكن في الوقت ذاته، تظل التحديات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي قائمة لا تحدها سوى الأطر القانونية التي تحمي وتصد وتجعل عملها تلك التقنيات وفق ما يتوافق مع سياسات كل دولة وفق أجندتها الوطنية، خاصة في ما يتعلق بالمسائل الأخلاقية والقانونية المتعلقة بتأثيراته على سوق العمل وحياة الأفراد، وبالتالي، فإن دولة الإمارات تواصل بشكل ملحوظ وملموس تحديث كافة تشريعاتها لمواكبة التطورات السبّاقة في هذا المجال وغيره من المجالات الأخرى.
في الختام، يظهر أن دولة الإمارات تتبنى استراتيجية شاملة ومتكاملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، وتحرص على ضمان توازن بين الابتكار وحماية حقوق الأفراد، إن التشريعات المتبعة في الإمارات تمثل نموذجاً يُحتذى به في تنظيم هذا المجال الحيوي في المنطقة.