يتساءل الكثيرون عن الكيفية التي تمكنت فيها الإمارات من أن تحقق إنجازات ضخمة على المستويين الاقتصادي والسياسي، محلياً ودولياً، ومتقدمةً بخطوات في مجمل ملفاتها الدولية، حتى أصبحت قوة مؤثرة في الساحة الدولية.

فعلى المستوى المحلي، تحققت الإنجازات بفضل استراتيجية تعطي الوطن والمواطن الأولوية، أما على المستوى الدولي، فبفضل اعتمادها استراتيجية أُشبهها هنا بـ«فلسفة الماء»، وتبرز هذه الفلسفة في العديد من المسارات منذ أن رأى اتحادها النور؛ إذ تميزت سياسة الدولة بمرونتها المتوازية التي تعبر عن قدرتها على التكيف والتفاعل بشكل إيجابي مع المتغيرات باتجاه تحقيق مصالح مختلف الأطراف، إضافة إلى ثباتها القوي على القيم والمبادئ بشكل واضح، وهو ما يتجسد في مختلف الاتفاقيات الدولية والمواقف السياسية.

اتفاقية السلام التي وقعتها الإمارات مع إسرائيل في سنة 2020 كانت خطوة مفاجئة للكثيرين، وأبرزت قدرتها على التعامل مع واقع المنطقة بشكل واضح من دون التخفي خلف الستار، بهدف تحقيق أمن واستقرار وازدهار المنطقة، والذي يصب في مصلحة شعوبها في نهاية المطاف.

وبالمقابل، لم تتردد في اتخاذ مواقف ثابتة وحازمة وصريحة تجاه السياسات الإسرائيلية في غزة، كما دانت بشدة العمليات العسكرية وانتهاكات حقوق الإنسان واستهداف المدنيين، وذلك أيضاً لتحقيق الاستقرار على المبدأ ذاته، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتحقيق حل الدولتين.

وقد تجسدت هذه المواقف في خريطة الطريق التي طرحتها حديثاً لانا نسيبة، مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، في شأن كيفية إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل عملي.

إنّ مرونة الإمارات لا تعني التخلي عن المواقف الثابتة والقيم تجاه القضايا الدولية، وشفافيتها تُبرز بشكل نقي دعمها الإنساني المستمر والمتواصل، للمضي بشكل مستدام انطلاقاً من هذا المبدأ لتنقية وتطهير الأجواء، وعمق هدوئها مؤشر إلى نجاحها وسط منطقة ملأى بالفوضى، وهو ما يعزز باستمرار مكانتها الدبلوماسية والدولية.

بشكل مختصر، تتجسد «فلسفة الماء» في السياسة الخارجية للإمارات في مفهوم الالتزام بالمواقف الثابتة والتكيف والمرونة والحكمة والشفافية الدبلوماسية والنقاء الأخلاقي الإنساني، وهو ما يشكل البُعد المتوازن الذي تسعى عبره الإمارات إلى تحقيق الاستقرار والتقدم في الملفات.