حكايات أهل الفن

أول أغنية للعندليب قبل ثورة يوليو

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك خلاف بين المؤرخين الفنيين حول أول أغنية غناها العندليب الأسمر «عبد الحليم علي إسماعيل شبانة» الشهير باسم عبد الحليم حافظ، المولود سنة 1929 بقرية الحلوات في محافظة الشرقية، والمتوفى سنة 1977 بلندن.

فعلى حين يؤكد البعض أن أول أغنية أجيزت له في الإذاعة المصرية، التي التحق بفرقتها الموسيقية سنة 1950 كعازف على آلة الأبوا، من بعد أربع سنوات قضاها مدرساً للموسيقى في كل من طنطا والزقازيق والقاهرة، هي قصيدة «لقاء» في عام 1951 من ألحان صديقه وزميله في معهد الموسيقى العربية كمال الطويل وكلمات الشاعر صلاح عبد الصبور، يؤكد البعض الآخر أن الأغنية الأولى التي أجازتها له الإذاعة كانت «يا حلو يا أسمر» في عام 1952 من ألحان محمد الموجي وكلمات سمير محجوب. وهناك البعض الثالث الذي يخالف الرأيين السابقين ويزعم أن أغنيته الأولى كانت «صافيني مرة» في سنة 1952 من ألحان الموجي وكلمات سمير محجوب، وهي أغنية رفضتها الجماهير لعدم تعودها على لحنها المتطور البعيد عن الألحان التي كانت شائعة وقتذاك، ثم عادت وتقبلتها في يونيو 1953 حينما أداها في يوم إعلان الجمهورية. أما البعض الرابع فيؤكد أن أول أغنية من أداء العندليب كانت قصيدة «وفاء» من ألحان الموجي وكلمات الشاعر محمد حلاوة، التي أداها قبل قيام ثورة يوليو بسنة تقريباً، أي قبل أن يصبح صوتها ولسان حالها من خلال عشرات الأغاني الوطنية، ابتداءً من أغنية «العهد الجديد» من كلمات محمود عبد الحي وألحان عبد الحميد توفيق زكي، والتي غناها بعد قيام ثورة يوليو 1952.

وأغنية «وفاء» أغنية وطنية، لكنها في حب مصر ونيلها وترابها دون إيحاءات سياسية ويقول مطلعها:

طول ما نسيم الدنيا بيسري

طول ما النيل في الوادي بيجري

هفضل أصون مجدك يا بلادي

لحد آخر يوم من عمري

كل شباب الوادي معايا بيغنيلك من ألحاني

كل مناهم زي منايا، ملناش غيرك أوطان تاني

على أنه رغم هذه الاختلافات، هناك إجماع على أن حليم قدم خلال مسيرته نحو 241 أغنية ما بين عاطفية ووطنية ودينية، وأنه بسبب تفاقم مرضه بالبلهارسيا منذ عام 1956 وإجرائه مذاك وحتى 1977 نحو 61 عملية جراحية، تحولت أعماله الغنائية العاطفية من أغنيات تحمل نبرة التفاؤل أو تتحدث عن الأحلام والطبيعة والزهور والمستقبل إلى أغنيات بها نبرة الحزم والحزن والأسى والشكوى.

والجدير بالذكر أن حليم تعاون مع كبار الملحنين والشعراء، فغنى من ألحان الطويل والموجي وبليغ حمدي، علاوة على الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي تعاون معه لأول مرة سنة 1955 من خلال أغنية «توبه»، كما أنه شارك في بطولة 11 فيلماً، ابتداءً من فيلمه الأول «لحن الوفاء» للمخرج إبراهيم عمارة مع شادية في عام 1955، وانتهاءً بفيلمه الأخير «أبي فوق الشجرة» للمخرج حسين كمال مع ميرفت أمين في عام 1969، ومروراً بأفلام: «أيامنا الحلوة» و«حكاية حب» لحلمي حليم، «ليالي الحب» و«فتى أحلامي» و«معبودة الجماهير» لحلمي رفلة، «أيام وليالي» و«موعد غرام» و«بنات اليوم» لبركات، «دليلة» لمحمد كريم، «الوسادة الخالية» لصلاح أبوسيف، «شارع الحب» لعزالدين ذوالفقار، «البنات والصيف» لفطين عبد الوهاب، «يوم من عمري» لعاطف سالم، و«الخطايا» لحسن الإمام.

ويقال إن العندليب كان يحلم بتقديم قصة «لا» للكاتب الكبير مصطفى أمين على شاشة السينما، ورشح الفنانة نجلاء فتحي لبطولتها، ولكن القدر لم يمهله تحقيق حلمه، إذ رحل في 30 مارس 1977. وبالمثل لم يمهله القدر تقديم أغنية «من غير ليه» من كلمات مرسي جميل عزيز والتي لحنها عبد الوهاب خصيصاً له، رغم أنه أكمل بروفاتها.

Email