من حكايات أهل الفن

الزوبعة التي أثارتها «يامه القمر ع الباب»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعاد غناء المطربة السعودية الواعدة زينة عماد أخيراً لأغنية فايزة أحمد الخالدة «يامه القمر ع الباب» الأذهان إلى واقعة منعها في الأردن قبل 65 عاماً. ومطالبة برلماني مصري متشدد بمنعها في مصر بدعوى أنها تثير الشباب وتشجعهم على الانحلال.

الأغنية التي كتب كلماتها مرسي جميل عزيز ولحنها الموسيقار محمد الموجي ضمن مجموعة من أجمل أعمال فايزة الغنائية، تقول كلماتها (يامه القمر على الباب نور قناديله/ يامه أرد الباب ولا أناديله يامه يامه/ يامه القمر سهران/ مسكين بقاله زمان/ عينه على بيتنا/ باين عليه عطشان/ واحد من الجيران وصفله قلتنا/ اسقيه ينوبنا ثواب/ ولا أرد الباب يامه يامه)، وجدها البرلماني المصري المتشدد سيد جلال (1899 ــ1987) الملقب بشيخ البرلمانيين (لأنه ظل محتفظاً بمقعده البرلماني لمدة 40 عاماً) أغنية خادشة للحياء وتشجع الشباب على الانحلال الخلقي، فطالب السلطات بمنعها مع أغنية أخرى للمطربة صباح هي «ياه من رمش جفونك ياه».

ووصل صدى الخبر إلى الأردن التي طالب برلمانها بالتحقيق في الأمر، وبعدها قررت وزارة الأنباء الأردنية منع إذاعة الأغنية.. أما في لبنان فقد قام أحد شعرائها الشعبيين وهو «عمر الزعني» بتحوير كلمات الأغنية بطريقة مهينة ومستفزة لرئيس الجمهورية آنذاك كميل شمعون ورئيس حكومته سامي الصلح ووزير الخارجية شارل مالك بدأها بقوله: «يا مه الدولار ع الباب/ شمعون بينادي له/ مالك فتح له الباب/ وسامي بيغني له»، الأمر الذي تسبب في اعتقال الشاعر.

تسببت هذه الوقائع في صدمة لفايزة أحمد والموجي، خصوصاً وأن كلمات الأغنية لم تتضمن تعابير مخدشة للحياء كما قيل، ومنها قول النائب المصري: «عندما أطلب منع أغنية «يامه القمر ع الباب»، يمكن أن تغني المطربة هذه الأغاني الخليعة على المسرح، ولكن ليس مهمة وزارة الإرشاد أن تدخل هذه الأغاني كل بيت».

وعلى الرغم من كل هذه الزوابع ظلت الأغنية صامدة وزاد الإعجاب بها، بل اعتبرها الكثيرون بمثابة جواز سفر فايزة إلى الجمهور العربي، فيما راح الموجي يواصل التلحين لها خالقاً منها نجمة جماهيرية بامتياز عبر العديد من الأعمال الجميلة، ومنها: «أنا قلبي إليك ميال»، و«بيت العز»، و«تمرحنة»، و«حيران كده ليه»، و«تعالا لي يا بابا»، و«على البساط السندسي يا عروسة»، ناهيك عن أن نجاح هذه الأعمال شجع ملحنين آخرين على التعاون مع فايزة، فلحن لها محمد عبد الوهاب أغاني «حمال الأسية» و«تهجرني بحكاية» و«ست الحبايب» و«يا غالي علي يا خويا» و«خاف الله» و«هان الود».

كما لحن لها بليغ حمدي «حسادك علموك» و«قلبي سألته عليك» و«ما تحبنيش بالشكل ده»، وفؤاد حلمي «بتسأل ليه علي»، وكمال الطويل «أسمر يا سمراني»، وفريد الأطرش «يا حلاوتك يا جمالك»، وعوض الدوخي «صوت السهارى».

ويقال إن أغنية «يامه القمر ع الباب»، كانت أيضاً سبباً في طلاق الموجي من زوجته المطربة أحلام، لأنه وعدها بالأغنية لكنه نقض وعده وأعطاها لفايزة.

والجدير بالذكر أن فايزة أحمد، الملقبة بكروان الشرق والمولودة في لبنان سنة 1934، مطربة سورية الأصل لكنها استمدت شهرتها ونجوميتها من مصر التي عاشت فيها جل سنوات عمرها وماتت على أرضها في 21 سبتمبر 1983، وخلال مشوارها الفني قدمت 400 أغنية عاطفية ودينية ووطنية، وظهرت في خمسة أفلام هي: «تمر حنة» (1957)، إمسك حرامي (1958)، المليونير الفقير (1959)، ليلى بنت الشاطئ (1959)، أنا وبناتي (1961)، و«منتهى الفرح» (1963).

أما أول أغنية غنتها عند قدومها إلى مصر من لبنان سنة 1954 فقد كانت «ربيع الحب» من كلمات محمد طلعت وألحان طارق عبد الحكيم الذي كان يدرس الموسيقى آنذاك في مصر، كما غنت لطارق أغنية أخرى جميلة هي «أسمر عبر» من كلمات الشاعر السعودي محمد الفهد العيسى.

جريدة الوفد المصرية علقت على خبر الأزمة التي تسببت فيها «يامه القمر على الباب» فقالت: ماذا لو استمع سيد جلال لأغاني عصرنا الحاضر وما بها من انحدار في الأخلاق، ربما لوجد في أغنية يامه القمر على الباب سبيلاً للارتقاء بالذوق العام لمجتمع تعود اليوم على الاستماع لأغاني على شاكلة «بوس الواوا» وأمثالها.

 

Email