«البريكس» وتشكّل النظام العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عند وقوع حدث مهم على الساحة الدولية، خصوصاً إذا كان أحد أطرافه من الدول الكبرى المؤثرة والفاعلة في النظام الدولي، يتوقع الكثير أن النظام العالمي قد تغير أو بدأت التغييرات التي ستعلن عن نظام دولي جديد قريباً، لكن عند الحديث عن تغير النظام الدولي وتشكل نظام جديد مختلف عن النظام الحالي، لابد من النظر للتحولات والتفاعلات السياسية والاقتصادية وكل العوامل الدولية الأخرى بنظرة تحليلية علمية بعيداً عن الحالة العاطفية والرغبة الشخصية والآمال والأمنيات والمعتقدات الفكرية والأيديولوجية.

بعد اجتماع قادة مجموعة «البريكس» الأخير الذي عقد في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا خلال الفترة من 22 حتى 24 من شهر أغسطس الماضي، أعلنت المجموعة عن دعوة 6 دول للانضمام إلى عضويتها اعتباراً من بداية يناير 2024 منها 3 دول عربية هي دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية.

وإذا نظرنا إلى الأعضاء الستة الجدد في مجموعة «البريكس»، سنجد أنهم يمثلون قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية أي أنهم يمثلون دول جنوب العالم، وهنا من يرى أن «البريكس» سيجمع دول الجنوب في مواجهة دول الشمال (الدول الغربية) المسيطرة حقيقة على النظام الدولي الحالي تحت قيادة أمريكية، كما أن الأعضاء الجدد يمتلكون اقتصادات قوية بالإضافة إلى الاحتياطيات التي يمتلكونها من الطاقة خصوصاً الإمارات والسعودية، وهذا يعطي قوة وتأثيراً للمجموعة .

وقد ذكرت في المقال السابق أن «البريكس» بأعضائه الحاليين وأعضائه الجدد، سيسعون إلى تحويله مستقبلاً إلى (منظمة توازن سياسي واقتصادي) ضمن العلاقات الدولية، حيث تسعى الدول غير الراضية عن النظام الدولي الحالي إلى إصلاحه وإعادة تشكيله بما يحقق المساواة والعدالة لكل الدول والشعوب، بالإضافة إلى تقليل الضغوط والاستغلال الغربي للدول الأخرى من خلال منظمات النظام الحالي.

في الجانب الآخر، المراقبون والمفكرون والمحللون السياسيون يرون من خلال متابعتهم للتغيرات والتفاعلات الدولية ودراستها وتحليلها أن النظام الدولي يمر بمرحلة انتقال من نظام القطبية الأحادية، إلى نظام دولي جديد حتى الآن لم تتضح صورته ولم تعلم ملامحه، وهنا لابد من الإشارة إلى أن النظام العالمي يتشكل بناءً على معطيات وتطورات عالمية وتفاعلات دولية معقدة.

من الواضح أن هناك مؤشرات وأحداثاً عالمية تعطي انطباعات على قرب نهاية عصر الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي ما يعني ولادة وتشكل نظام دولي جديد، من هذه المؤشرات تكتل مجموعة «بريكس» الذي سيضم مع بداية العام 2024 أحد عشر عضواً يمثلون قوة بشرية هائلة (الصين والهند) واقتصادات قوية ومصادر للطاقة (الإمارات والسعودية).

بناءً على العديد من التحليلات والتوقعات السياسية للمفكرين والمحللين السياسيين يرون أن النظام الدولي القادم لن يكون أحادي القطبية؟ النظام الدولي بشكله التقليدي كما هو معروف إما أن يكون أحادي القطبية أو ثنائي القطبية أو متعدد الأقطاب.

وفي مقال سابق لي، طرحت التساؤل التالي: هل سيكون النظام العالمي الجديد نظاماً غير تقليدي؟ كأن يكون نظاماً عالمياً قارياً متعدد الأقطاب، بحيث يكون كل قطب يمثل تكتلاً ومجموعة من الدول، كأن يتكون من القطب الأنجلوسكسوني بزعامة أمريكية والقطب الأوروبي بزعامة فرنسية ألمانية والقطب الآسيوي بزعامة صينية، بالإضافة إلى قوى إقليمية وهنا أضيف تساؤلاً آخر في حال كان النظام العالمي غير تقليدي هل سيكون تكتل البريكس أحد الأقطاب.

Email