حكايات أهل الفن

قصة الخلاف حول فيلم «لواحظ»

ت + ت - الحجم الطبيعي

العديد من الأفلام المصرية، التي بذل فيها جهد كبير، واستغرق تصويرها وقتاً طويلاً، وأنفق على ديكوراتها أموال طائلة، انتهت إلى ساحات القضاء وردهات المحاكم.

وغالباً ما كان السبب نزاعاً بين المخرج والمنتج، أو بين المخرج وأبطال العمل، أو بين مؤلف القصة وصاحب العمل. وآخر هذه الخلافات ما نشرته الصحف أخيراً حول فيلم «سعاد» للمخرجة آيتن أمين الذي تم ترشيحه للأوسكار كأفضل فيلم أجنبي عن مصر، ولم يعرض في دور العرض السينمائية بمصر بعد أن دبت الخلافات بين صناعه، وهي خلافات تسببت في خروج الفيلم من ترشيحات الأوسكار، علماً أن هذا الفيلم، وهو التجربة الروائية الطويلة الثانية لمخرجته من بعد فيلم «فيلا 69»، كان ضمن قائمة الأعمال الرسمية التي تم اختيارها للدورة 74 من مهرجان كان السينمائي التي ألغيت بسبب تفشي فيروس كورونا.

من الأمثلة القديمة لهكذا خلافات ما نشرته مجلة الكواكب المصرية في عددها الصادر في 14 أغسطس 1956 حول فيلم «لواحظ» للمخرج حسن الإمام من بطولة شادية وكمال الشناوي وزوزو نبيل ومحمود المليجي ومحمود إسماعيل وكاريمان وفاخر فاخر وعزيزة حلمي وغيرهم.

هذا الفيلم بدأ تصويره في مطلع يوليو 1956 في استوديو جلال، وانتهى منه في ديسمبر من العام نفسه، لكنه لم يعرض في دور السينما إلا في 28 يناير 1957، أي بعد أن فصل القضاء في قضية رفعتها النجمة ماجدة ضد مخرج الفيلم.

وملخص القضية التي أثارت ضجة كبيرة في الأوساط الفنية وقتذاك هو أن الفنانة ماجدة اختيرت لدور البطولة في الفيلم، وبعد أن مثلت وصورت مشاهد عدة منه، أدركت أن الدور (دور راقصة) يمارس ضدها البلطجة من قبل شخص يدعي أنه والدها) لا يتفق مع طبيعتها ولا يناسب شخصيتها، ولهذا انقطعت عن التصوير وطلبت من المنتج والمخرج تعديل دورها كي تستمر في العمل. لكن حسن الإمام رفض طلبها لأن الموافقة كانت تعني تغيير «الحدوتة» بأكملها. وهنا لم يجد الإمام بداً من اللجوء إلى فنانة أخرى للقيام بالدور فوقع اختياره على شادية.

وبمجرد أن علمت ماجدة بالخبر، تقدمت بشكوى ضد حسن الإمام إلى نقابة الممثلين، بل رفعت ضده أيضاً قضية أمام المحاكم، مدعية أنها لم ترفض القيام بالدور خصوصاً وأنه يخرجها من أدوار البنت الطيبة المظلومة التي اعتادت على أدائها إلى دور جديد غير مسبوق في تاريخها الفني، وأن كل ما فعلته هو المطالبة بتغيير بعض التفاصيل التي لم ترق للمخرج. أما حسن الإمام فقد قدم شكوى مضادة اتهم فيها ماجدة بمخالفة بنود عقد العمل والانقطاع عن الحضور إلى استوديو التصوير، الأمر الذي كبده خسائر وتكاليف إضافية.

وبينما كانت المحاكم ونقابة الممثلين تنظر في الشكوى والشكوى المضادة وتجري تحقيقاتها وتستمع للشهود، كان حسن الإمام يواصل عمله مع طاقم التمثيل في إنجاز الفيلم، في جو شديد الحرارة.

وطبقاً للكواكب، فإن الإمام كان متفائلاً بانتهاء القضية لصالحه (وهو ما حدث فعلاً) ومتفائلاً أيضاً بنجاح العمل بمجرد عرضه في الصالات لأن قصته جديدة، وبطلته الجديدة متمكنة من دورها، ناهيك عن احتواء الفيلم على أغنية جديدة لشادية واسكتشات طريفة لفرقة الدراويش (فرقة تأسست في الخمسينات على يد الطالب الجامعي بكلية الزراعة في جامعة الإسكندرية محمد الشويحي ومجموعة من زملائه من ذوي الروح المرحة والظل الخفيف، وتخصصت في أداء التواشيح التراثية بطريقة كوميدية).

كما أن من أسباب تفاؤله الأخرى هو مشاركة الفنان فاخر فاخر في العمل، علماً أن فاخر فاخر كان أحد أعمدة نجاح حسن الإمام منذ أن شارك بدور البطولة أمام فاتن حمامة في فيلم «اليتيمتين» (1948)، وهو من أعمال حسن الإمام الخالدة في تاريخ السينما المصرية.

Email