في القرن الحادي عشر بنى الرومان القدماء شبكة مذهلة من الطرق في كل مكان ذهبوا إليه، بحيث تعود الطرق من كل مدينة ومقاطعة في النهاية إلى روما، ومن هنا جاءت أصل المقولة المعروفة التي يرددها الناس "كل الطرق تؤدي إلى روما". هذه المقولة التاريخية التي تم تسجيلها لأول مرة في الكتابة عام 1175 من قبل الكاتب والفيلسوف الفرنسي اليان دي ليل، لم تعد تحمل أي دلالة معبرة في وقتنا الحاضر، وذلك بالنظر إلى النموذج الملهم الذي أرسته دبي لتكون قلب العالم مع خطوط ملاحية وجوية تصل لأكثر من 600 مدينة حول العالم، وبضائع ومنتجات تنقل في مئات ملايين الحاويات النمطية من وإلى مختلف قارات واسواق العالم عبر موانئها العالمية، بينما يتصل مطار دبي الدولي DXB وحده بأكثر من 234 وجهة عبر 89 شركة طيران دولية على مستوى 99 دولة حول العالم، وهو يحتفظ منذُ 9 سنوات بصدارته لقائمة المطارات الدولية الأكثر ازدحاماً في العالم، كما تعتبر دبي المحطة الأبرز في طريق الحرير الاقتصادي، والذي يربط أسواقاً تشكل معاً نحو 40% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و60% من سكان العالم، هذا عوضاً عن إن الإمارة تستقبل سنوياً ملايين السياح من مختلف دول العالم، وقد استقبلت فقط خلال الربع الأول من العام الجاري أكثر من 21 مليون، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 83.6 مليون مسافر حتى نهاية العام 2023.
وفي الحقيقة الأرقام والاحصائيات المقرونة بالأدلة والوقائع كثيرة ولا تنتهي، لذا المقولة الأكثر دقة في وقتنا الراهن هي "كل الطرق تؤدي إلى دبي"، وهذا ليس عنواناً انشائياً أو مانشيتاً صحفياً الهدف منه اثارة الاعجاب فقط!، فهذه المدينة تخطط وتعمل منذُ عقود وما زالت تنمو وتزدهر، وتوصل الليل مع النهار لبناء أجمل مدينة تمر عبرها تجارة العالم. وبمعنى آخر ان قصة دبي الملهمة في ملاحقة الحلم والإصرار على تحويله إلى إنجاز، ونموذجها العالمي الفريد ليست فقط مادة إعلامية دسمة، أو مجرد هالة تتناقلها كبرى وكالات الأنباء والقنوات الإعلامية حول العالم، فمن يعيش في هذه المدينة أو زارها أو يعمل فيها، يدرك تماماً ان نموذج دبي قد تم بنائه على أسس متينه ورؤية قيادية واضحة المعالم لا تجامل نفسها.
فدبي اليوم اشبه بصورة فريدة ومجرة قائمة بذاتها تدور كل الكواكب والنجوم والأقمار في فلكها، وهي نموذج خارج سياق المقارنة (مدينة لا تليق بها المقارنات)، فبعد 50 عاماً في العمل القيادي والرؤية الحكيمة أصبحت ملتقى لحضارات العالم، حيث تجد في دبي شعوب ولغات وثقافات تسير جنباً إلى جنب، كونها تستضيف على أرضها مقيمين ينتمون إلى أكثر من 200 جنسية، ما يجعلها بمثابة مركز ثقافي عالمي تنصهر فيه كافة جنسيات العالم. كما أصبحت الإمارة قبلة ليس فقط للباحثين عن المعرفة والعلم والعمل بل أصبحت حتى قبلة لمن يبحث عن الحلم.
50 عاماً من عمر الاتحاد وما زال محمد بن راشد يخطط ويحلم لتحقيق المزيد من الريادة للإمارات والسعادة لشعبها وكل من يقيم على أرضها وكذلك من يقصدها من الزوار من كل ربوع الأرض، هذا النموذج الذي نراه اليوم في دبي هو حلم قائد شكل بحكمته التي لا تنضب تجربة تنموية أعطت الأمل للمنطقة بأكملها ورفعت أسم العرب إلى الفضاء، والحقيقة تؤكد أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، يخطط ليس لدبي وحدها، وإنما لدولة الإمارات كلها، وإلى عشرات السنين المقبلة، وفي صميمه أن أي إنجاز تشيده دبي، أو أي تقدم تحرزه، ما هو إلا إنجاز وتقدم لشعب دولة الإمارات من أدناها إلى أقصاها.
هذه هي دبي بنموذجها الفريد، وصورتها الساحرة، وموقعها الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وآسيا، حتى باتت نقطة عبور حيوية لمختلف بضائع العالم، هذه هي دبي التي لم تركن لإنجازات الماضي وتتحرك دائماً للأمام، تسابق نفسها وتتنافس مع نفسها وتركض من انجاز إلى آخر، ولسان حالها يقول: الصفوف الاخيرة ليست لنا، نحن أينما نقف يبدأ العد.