كيف ستبدو المدن بعد 40 عاماً؟ سؤال يطرحه البعض في ظل تسارع وتنامي التقدم التكنولوجي الذي تشهده مدن العالم حالياً مع دخول التكنولوجيا حياتنا وتغييرها أنماط وأساليب الحياة بشكل جذري وغير مسبوق، بحيث يبدو مقلقاً ومخيفاً في نظر البعض.
صانع المحتوى الألماني «يانوش رونكيفيتش» اختار مدينة دبي لتكون نموذجاً لما ستكون عليه مدن العالم بعد 40 عاماً، وذلك من خلال مقطع فيديو تخيل فيه ما ستبدو عليه مدينة دبي عام 2060. والسؤال هو: لماذا اختار رونكيفيتش مدينة دبي على وجه التحديد لتكون نموذجاً لما ستبدو عليه مدن العالم بعد 40 عاماً؟
يقول رونكيفيتش في تصريح لموقع CNN بالعربية إنه اختار تخيل هذه المدينة الإماراتية في عام 2060 حتى يقرّب المشاهد من صورة ليست بعيدة المنال يمكن أن تتحق بعد 40 عاماً.
وأوضح رونكيفيتش، معلقاً على اختياره لموقع وسط مدينة دبي، أنه أراد مكاناً يتمتع بحركة مرورية كثيفة، وتكثر فيه ناطحات السحاب ذات التصاميم العصرية في الخلفية، وإلى جانب ناطحات السحاب الشاهقة، تأتي المركبات الطائرة، والروبوتات، والكلاب الآلية، بمنظور يتخيلّ دبي كوجهة مذهلة لاستكشاف المستقبل بكل احتمالاته. وكان على رونكيفيتش أن يُدرِج في المشهد متحف المستقبل، الذي يُعدّ «قطعة معمارية تفوق بسنوات ضوئية أي شيء شهدته دبي والعالم من قبل» وفقاً لتصريحه.
مقطع الفيديو، الذي مدته 58 ثانية، استغرق إنشاؤه أسبوعاً تقريباً، وحرص صانع المحتوى الألماني على الإفراط في استخدام التكنولوجيا في إنشائه حتى يخلق نقاشاً وتفاعلاً بين المشاهدين، قال عنه رونكيفيتش: «كانت هناك ردود فعل متباينة، وبينما تظهر غالبية التعليقات أن الناس يشعرون بالقلق من أن تحلّ الروبوتات محل البشر، يشعر الكثيرون بالفضول بشأن ما في الفيديو».
وقد حقق المقطع مشاهدات تجاوزت 10 ملايين مشاهدة منذ أن تم نشره على حساب رونكيفيتش في إنستغرام، وحصد أكثر من مليون و300 ألف إعجاب، وحظي بآلاف التعليقات، وهذه الأرقام مرشحة للارتفاع مع تزايد المشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
بغض النظر عن ردود الأفعال المتباينة هذه، وهي طبيعية على كل حال، فإن ما يهمنا هو اختيار رونكيفيتش مدينة دبي لتقريب صورة مدن العالم في المستقبل إلى الذين يعيشون في مدن عصرنا الحالي، وهي مدن حديثة تلعب التكنولوجيا فيها دوراً كبيراً لتسهيل حياة البشر، وخاصة إذا ما قارناها بما كانت عليه الحياة قبل 50 عاماً في مدن الخليج، التي اختار من بينها رونكيفيتش مدينة دبي ليقرّب إلينا صورة مدن المستقبل، وهي مرحلة ليست بعيدة جداً عنا، إذ ما زال بعض الذين عاشوا تلك المرحلة أحياء بيننا، يستطيعون أن يقدموا لنا صورة واضحة عن الحياة فيها، وهو ما فعله الكثيرون، ممن عاشوا فترة الخمسينيات وما قبلها من القرن الماضي، في المقابلات الصحافية والإذاعية والتلفزيونية التي أجريت معهم، وفي بعض برامج البودكاست المعروفة.
لهذا علينا أن نذكّر أبناءنا وبناتنا دائماً أننا لم نولد وفي فم كل واحد منا ملعقة من ذهب، فقد عانى آباؤنا وأجدادنا، وكنا شهوداً على هذه المعاناة خلال فترة الانتقال من مرحلة ما قبل النفط إلى مرحلة ما بعده، وهي مرحلة تطلبت قدراً من الصبر وقدراً أكبر من العمل والجهد لإحداث هذه النقلة الكبرى في حياة أبناء منطقة الخليج، حتى وصلت دولنا ومدننا إلى ما وصلت إليه من نهضة وتقدم، بفضل قادتها الحكماء وأبنائها المخلصين، وغدت الحياة فيها تضاهي الحياة في أكثر الدول تقدماً، بل تتفوق عليها من ناحية الخدمات التي تقدمها لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، إلى الدرجة التي جعلت صانع المحتوى الألماني «يانوش رونكيفيتش» لا يجد أمامه نموذجاً يقدمه لتصور ما ستكون عليه مدن العالم بعد 40 عاماً أفضل من مدينة دبي الزاخرة بالحياة، التي تسابق الزمن لتكون متقدمة على غيرها بخطوات، بدليل مبادرة «دبي 10X» التي أطلقتها إمارة دبي بهدف تسريع تطوير العمل الحكومي وتحسين كفاءته بعشرة أضعاف، من خلال مشاريع ومبادرات مستقبلية وتشاركية، لتسبق دبي مدن العالم بعشر سنوات، وهي المبادرة التي قال عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عندما أطلقها عام 2017 عبر منصة القمة العالمية للحكومات، إن الهدف منها هو أن «تسهم في تنفيذ رؤية دبي لتكون مدينة المستقبل، وذلك من خلال آليات عمل جديدة تحاكي المستقبل، وتسهم في استدامة تنافسية دبي».
لم يكن صانع المحتوى الألماني «يانوش رونكيفيتش» إذاً مخطئاً عندما اختار مدينة دبي لتكون نموذجاً لما ستكون عليه مدن العالم بعد 40 عاماً، فدبي هي مدينة المستقبل بحق.