وقفة مع فيلسوف القرآن..!

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيلسوف القرآن الكريم أو فيلسوف العبارة القرآنية؛ هو الشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز، رحمه الله تعالى، جامع الثقافات المختلفة والعلوم المتعددة، وقلما يجتمع ذلك - عادة - في شخص واحد. وما أكثر ما حُكيت عنه الحكايات، وما أجمل ما رُويت عنه الروايات، وما أحسن ما عددت له الفضائل الفُضليات، فضائلٌ تفرقت في غيره، واجتمعت في شخصه؛ فصار كما قال أبو نواس في مثله من الناس: ليس على الله بمُسـتنكَرٍ أن يَجمع العاَلمَ في واحِدِ

ومنها؛ جمعه ثقافة الشرق والغرب، وهضمه العلوم الشرعية والعلوم الفلسفية؛ فارتوى من كليهما، فكان بحق: «ربيب الأزهر وفتى السوربون». فجعله ذلك من العلماء الربانيين، فوقته عامر بالذكر، وفعل الخيرات، وخدمة العلم والعلماء.

ومن عجائبه إتقانه الفرنسية إتقان أدبائها، وحسبك أن أطروحته في السوربون «دستور الأخلاق في القرآن» كتبها بلغة فرنسية أدبية عالية! ويرجع السر في ذلك إلى «أن أهم سماته هي ولهه بالقرآن الكريم، فقد ملك عليه لبه، وشغف منه قلبه، فكان - القرآن شغله الشاغل، قل أن يُرى إلا وهو منكب على قراءته أو مشغول في تدبره.

وكان في كل ذلك عالما كبيراً، وشيخاً وقوراً، ومثقفاً منفتحاً ومتنوراً، فأضاف لنفسه:»رحابة في الأفق، وعمقاً في الاستنباط، ودقة في الاستدلال، وحجة لا تقهر، وبلاغة قرآنية تشربها من القرآن، فقد رُوي عنه؛ أن ورده اليومي من القرآن ستة أجزاء، مما مكنه من دراسة الأخلاق في القرآن، فقد استقصى الآيات القرآنية التي تمثل دستور الأخلاق في القرآن الكريم في مختلف الجوانب الحياتية، فاستعرضها جميعاً؛ الأخلاق الفردية، والأخلاق الأسرية، والأخلاق الاجتماعية، وأخلاق الدولة، وأمهات الفضائل الإسلامية.

وقد اتسم نظره بالنفاذ والشمولية، قال، يرحمه الله، في «النظرية الأخلاقية الشاملة»: «إنها لا تلبّي فقط كل المطالب الشرعية والأخلاقية والاجتماعية والدينية، ولكن نجدها في كل خطوة.. فهي متحررة ونظامية، عقلية وصوفية، ليِّنة وصلبة، واقعية ومثالية، محافظة وتقدمية».

Email