العرب والانتخابات التركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الملاحظة، التي يمكن تسجيلها عربياً في الانتخابات التركية التي ستشهد الجولة الثانية منها يوم 28 مايو الحالي (بعد غدٍ)، من واقع ما تنشره وسائل الإعلام من آراء وتحليلات، أن هناك موقفين واضحين، لهذا فالمقال التالي يتبنى موقفاً ثالثاً ولكن فكرته ليست جديدة وإنما من باب التذكير بأن: «في السياسة لا صديق دائم ولا عدو دائم، بل مصالح دائمة».

فبعد أن عجز أي من المرشحين في حسم النتيجة من الجولة الأولى والتي تتطلب 51 % من الأصوات ليعلن الرئيس الجديد لهذه الدولة المهمة في المنطقة والعالم نتيجة لموقعها المحوري، ستكون الجولة الثانية حاسمة، وسيعلن الرئيس القادم فيها وهذا سيقرره الناخب التركي وليس غيره، وتبقى مواقف المراقبين الخارجيين عبارة عن أمنيات ورغبات.

هناك عربياً من يفضل التجديد للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وفق منطق أنه بات معروفاً في توجهاته السياسية ويمكن التعامل معه، وأن أردوغان بدأ يركز على التهدئة في الملفات التي تسببت في حالة التشاحن السياسي والإعلامي مع العرب، بل إن نظرية تصفير المشاكل التي بدأ بها رئاسته في 2003 بدأت تعود نغمتها من جديد تحت واقع المصالحات التي حصلت. في المقابل هناك من يعتقد أن فوز المعارضة بقيادة كمال قليجدار أوغلو سيكون هو الأفضل بالنسبة للدول العربية اعتقاداً منهم أنه قد يمثل مدخلاً كبيراً لحلحلة الكثير من المشاكل والأزمات التي مرت بها الفترة الماضية.

لو بنينا على هذه الملاحظة مقارنة بسيطة بين برنامجي المرشحين الاثنين لمعرفة أيهما يفترض أن يكون الأفضل للعرب، سنجد الآتي: أن اهتمامات الرئيس أردوغان وفق الخبرة التاريخية للعرب في السياسة الخارجية أكبر لتوسيع نفوذ بلاده إقليمياً وحتى دولياً وهو صاحب مشروع طموح، حيث يسعى لاستعادة دور بلاده التاريخي في زمن لم يعد موجوداً. أما فيما يخص المعارضة فالبرنامج الواضح أن تركيزها ينصب على الداخل التركي وتقديم مصالح شعبها وإصلاح الملف الاقتصادي والاجتماعي الذي كان يوماً هو قصة نجاح الدولة التركية.

قد تكون البرامج الانتخابية للاستهلاك الإعلامي فقط وكسب رأي الجمهور، كما يحصل في العديد من الانتخابات في العالم، إذ ليس شرطاً أن يفي الرئيس بما وعد به ناخبيه، وهذا فيه جزء كبير من الصحة، وعانى العرب كثيراً في هذا الجانب، خاصة من بعض الدول عالمياً وإقليمياً.

معرفتنا النظرية في العلاقات الدولية أن الخلافات السياسية بين الدول أكثرها مبنية وتحصل نتيجة للتدخلات الخارجية لبعض الدول في الشأن الداخلي. وهذه التدخلات تأتي على أشكال مختلفة مثل الدفاع عن حقوق الإنسان كما يحصل من قبل الولايات المتحدة أو دفاعاً عن أقليات موجودة في بعض الدول وهذا يحصل من الدول الباحثة عن نفوذ إقليمي في جوارها.

في المقابل، فإن العلاقات بين الدول تتوطد مع الحكومات التي تركز على الجانب التنموي لها، لأنها تبحث عن استقرارها من خلال دعم استقرار جوارها باعتبار أن الجار القوي اقتصادياً وتنموياً يساعد في تقوية جواره هذا ما حصل في شرق آسيا من قبل النمور الآسيوية الأربعة ثم أصبحوا سبعة نمور.

الطريق الثالث الذي أعتقد أنه الأفضل عربياً هو: التركيز على التفكير في عنصرين مهمين هما: العنصر الأول: ترتيب البيت العربي من الداخل طالما الحديث ينصب على أن المصلحة العربية واحدة. العنصر الثاني: وضع سيناريوهات تبحث كيفية التعامل مع أي من المرشحين في الانتخابات التركية وغيرها من الانتخابات وليس انتظاراً حتى تصدمنا سياسات قائد دولة ما فهو في النهاية يبحث عن مصالح وطنه وشعبه.

 

Email