«حكايات أهل الفن»

المواقف الصعبة في حياة أحمد مظهر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد الفنان «أحمد حافظ مظهر إبراهيم حافظ الدرملي» الشهير بأحمد مظهر (1917 ــ 2002) من كبار نجوم السينما المصرية، على الرغم من أنه لم يدرس السينما وإنما انتقل إليها من العسكرية بطلب من الرئيس عبدالناصر بعد أن شاهده سنة 1957 متألقاً في دور «البرنس علاء» في الفيلم السياسي «رد قلبي»، حيث أمره أن يخرج من وظيفته العسكرية ويتفرغ لخدمة مصر ونظامها الجديد من خلال الفن.

يـُذكر أن مظهر ولد في حي العباسية وتخرج من الكلية الحربية سنة 1938 في نفس دفعة عبدالناصر وأنور السادات وعبداللطيف البغدادي وحسين الشافعي، واشترك في حرب فلسطين الأولى سنة 1948. وبعد تخرجه عمل في سلاح المشاة ثم انتقل منه إلى سلاح الفروسية التي صار قائدها مع تدرجه في الرتب العسكرية.

وأثناء ذلك لعبت الصدفة وحدها دوراً في دخوله عالم الفن، ففي عام 1951م اختاره المخرج إبراهيم عزالدين (ت: 1982) لأداء دور صغير في فيلمه الوحيد «ظهور الإسلام» المقتبس من رواية «الوعد الحق» لطه حسين.

استطاع مظهر بفضل وسامته أن يصعد سريعاً إلى مصاف نجوم الدرجة الأولى، وأن يجسد على الشاشة مختلف الأدوار التاريخية (الناصر صلاح الدين)، والدينية (وا إسلاماه) والاجتماعية (الأيدي الناعمة) والكوميدية (الجريمة الضاحكة)، والنفسية (الزوجة العذراء) والعاطفية (دعاء الكروان) والأسرية (إمبراطورية ميم) والدرامية (القاهرة 30)، والحربية (عمالقة البحار)، فصار يلقب بفارس السينما المصرية.

تعرض مظهر خلال حياته للعديد من المواقف الصعبة. بدأت بانتشار إشاعة وجود علاقة عاطفية بينه وبين الفنانة ميرفت أمين، التي أعجب بأدائها خلال أحد عروضها الفنية بكلية الآداب في جامعة القاهرة، فطلبها للوقوف أمامه في عمل سينمائي جديد (فيلم نفوس حائرة/‏‏ 1968).

ولهذا السبب أكثرت ميرفت أمين من التردد على مكتب مظهر، وهو ما جعل الوسط الفني يعتقد بوجود علاقة عاطفية بينهما، في حين أن العلاقة لم تكن أكثر من علاقة أستاذ بتلميذته الشابة.

ثم جاءت الخلافات التي دبت بينه وبين أم أولاده الأربعة «السيدة هدايت» التي كان يحبها ويحترمها، ما أدى إلى انفصالهما بقرار مؤلم. وكان سبب الخلاف اتهام مظهر لزوجته بالإهمال بعد أن قام ابنه شهاب بإطلاق النار خطأ من مسدس والده على أحد أصدقاء أبيه، ما تسبب في وفاة الصديق وتأثر مظهر.

الموقف الصعب الثالث في حياة الرجل كان اصطدامه برغبات شقيقته «فاطمة مظهر» التي أرادت دخول عالم الفن، بينما كان هو رافضاً للفكرة خوفاً عليها. وقد تألم مظهر كثيراً لتمرد شقيقته عليه، وحز في نفسه عدم اكتراثها بنصائحه، فقاطعها لسنوات طويلة.

بعد ذلك حدث ما لم يتوقعه، وهو قرار الحكومة المصرية بتنفيذ مشروع لعمل طريق دائري يسهل الحركة المرورية في منطقة إقامة مظهر بمحور 26 يوليو. تألم الرجل لهذا القرار، بل سالت دموعه أمام جمهور التلفزيون في برنامج استضافه فيه الإعلامي المعروف مفيد فوزي، ما جعل المشاهدين يتعاطفون معه. وملخص الحكاية أن تنفيذ الطريق المقترح كان يستلزم وضع اليد على حديقة فيلا فناننا ذات الأشجار والنباتات النادرة كي يمر الطريق من خلاله.

وعلى الرغم من نداءاته الكثيرة إلى المسؤولين لإنقاذ منزله وحديقته الأثيرة على قلبه من معاول الهدم، إلا أن أحداً لم يلتفت إلى شكواه، لكن يقال إن الرئيس حسني مبارك اتصل بوزير الإسكان والمرافق آنذاك المهندس حسب الله الكفراوي وسأله عن مدى إمكانية إجراء تعديل لتفادي نزع نصف أرض فيلا أحمد مظهر، ويقال أيضاً إن الوزير طلب رأي مهندسي المشروع الذين أكدوا له تعذر إجراء أي تعديل لأن من شأن ذلك انحراف الطريق عشرين متراً.

وهكذا مات مظهر حزيناً مكتئباً في الثامن من مايو 2002م عن 84 عاماً. ولعل ما سارع في رحيله عدا عن حزنه على هدم مسكنه هو أمراض الصدر والرئة المريرة التي كان يصارعها.

 

Email