الاستثمار في رأس المال البشري

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبذل دولة الإمارات جهوداً كبيرة وجبارة في تنمية العنصر البشري، باعتباره الاستثمار الأمثل والأبقى لمستقبل أكثر ضماناً واستقراراً. ولا شك في أن الدولة لا تدخر جهداً في سبيل الارتقاء بالإنسان، وإعداد الشباب وتأهيلهم وإمدادهم بكل ما يحتاجون من خبرات ومهارات، وفق أعلى المعايير العالمية، كونهم رافعة التنمية في مسيرة الدولة وتطورها. كذلك لم تدخر الدولة جهداً في سبيل توفير كافة الخدمات المتعلقة بمستقبل الفرد، من تعليم وصحة ورعاية اجتماعية.

وبما أن الشباب يمثلون نسبة كبيرة من السكان، فإن هذا الاستثمار يصبح الأفضل لمستقبل أكثر ضماناً وديمومة، سيما وأن شباب اليوم يقفون في الصف الأول من ناحية الابتكار والاختراع والإبداع، الأمر الذي يعزز قدراتهم التنافسية، ويؤهلهم لنيل الخبرات اللازمة في التعامل مع بيئة الأعمال المبنية على تقنية الذكاء الاصطناعي والابتكار والإبداع.

وبما أن البيئة الطبيعية ومواردها عادة ما ترسم نمط النشاط الإنساني، وتحدد أنماط سوق العمل، فقد أدركت الإمارات مبكراً أنها يجب أن تسير على استراتيجيات مرسومة مسبقاً، لضمان مستقبل أكثر استقراراً وإشراقاً وأمناً.

وفي الآونة الأخيرة، ألقت المتغيرات العالمية السريعة في مجال التقنية والاقتصاد، بظلها على سوق الأعمال، وعلى الأوضاع الاقتصادية وبيئة الأعمال المستقبلية، وفي أنماط الوظائف والمهارات المطلوبة من الأجيال القادمة تبنيها وتطويرها. وانطلاقا من ذلك عززت الدولة جهودها في الاستثمار بالعنصر البشري مع التركيز على المواهب والكفاءات الشبابية، وبناء قدرات الأجيال استعداداً للمستقبل.

وتماشياً مع المتغيرات العالمية والمهارات المطلوبة في بيئة الأعمال، تم الاهتمام بالتقنيات الحديثة، وعلى رأسها البرمجة والتعامل مع الآلة، ومهارات التعامل مع البيانات والذكاء الاصطناعي والأتمتة، والتعامل مع ضغوط العمل، والعمل بروح الفريق. لذا، تم وضع الخطط والبرامج التي ترفع من وعي الأجيال الجديدة، وتضعهم على قدم المساواة مع أبناء جيلهم في الدول المتقدمة.

فعن طريق تطوير التعليم وطرائقه، والاهتمام بالتعليم في كافة مراحله، والاهتمام بالتعليم المستمر مدى الحياة والتعلم السريع، تدرك الإمارات أن ذلك هو الطريق لصنع الفرق، وتشكيل الفارق الرئيس في مهارات المستقبل. فالقدرة على الانتقال السلس في سلم الأولويات، يضمن التماشي مع متطلبات بيئة الأعمال، ويوفر التنافسية التي يحتاجها الفرد لكي يتعايش في بيئة المستقبل.

وبالعودة في الذاكرة إلى سنوات مضت، فمن الملاحظ أن اهتمام الدولة في العنصر البشري، بدأ في الواقع مع قيام الاتحاد، وفق رؤية طموحة، أسس لها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار عليها الأبناء المؤسسون.

وخلال العقود الخمسة الماضية، شهد العالم الكثير من المتغيرات السريعة، والتذبذبات التي طالت دول العالم. وهي متغيرات جعلت استراتيجية تطوير العنصر البشري أولوية مهمة وقضية محورية.

فالإمارات من الدول القليلة المهتمة بالخطط المستقبلية والاستباقية للاستثمار بالإنسان، ما ساعدها في تخطي الآثار السلبية لوباء كوفيد 19، وكذلك تخطي تقلبات أسواق الطاقة وبالتالي وفر لها الحماية والأمن واستقرار سوق العمل.

كما كانت الإمارات سباقة في تبني العديد من القوانين والتشريعات والإجراءات الحمائية، خاصة في مجال الأمن السيبراني، الأمر الذي أسهم إلى حد كبير في استقرار الأوضاع العامة بأسرها.

وفي ضوء هذه الاستراتيجية، تملك الدولة رؤية مستقبلية طموحة، وتراهن اليوم على قدرات الشباب، حيث وفرت لهم البيئة المناسبة والمحفزة الإبداع والابتكار، فالاستثمار في العنصر البشري، لا يكمن فقط في توفير التأهيل اللازم للشباب محلياً وعربياً، ولكن في توفير وسائل التدريب في مجال القدرات التنافسية العالمية.

ففي الوقت الراهن، أصبح العالم، بحكم التواصل السريع، قرية صغيرة. فتدريب الأجيال القادمة على التنافس عالمياً، هو ما تسعى له الدولة.

لذا، فالتجارب العالمية في مجال الفضاء، وإشراك شباب الإمارات في هذه التجارب الرائدة عالمياً، هي جزء من جهود الدولة في الاستثمار في العنصر البشري. فالتحام القدرات والكفاءات المحلية بالقدرات والكفاءات العالمية، سوف يمنح شبابنا التجربة والخبرة، ويقدم القدوة الجيدة لأجيال المستقبل.

واللافت للانتباه، هو أن التخطيط المستقبلي، يشمل إشراك العنصر النسائي بقوة، الأمر الذي يؤسس لمرحلة جديدة من تاريخ الدولة الاجتماعي. إن الإمارات تأمل في أن ترى غرسها وقد أثمر إبداعاً وابتكاراً وتضحية في حب الإمارات.

 

Email