يعدّ الشيخ أحمد بن حامد آل حامد من رجالات دولة الإمارات الأوائل، ومن ضمن روادها في مجالات الإعلام والثقافة والسياحة، وأحد الذين آمنوا مبكراً بتجربتها الاتحادية، فخدمها بإخلاص وتفانٍ لعقود طويلة، وكان صوتها الهادر في المحافل الإعلامية، دفاعاً عن قيمها ومبادئها وسياساتها الداخلية والخارجية ومواقفها المشرفة من الحق العربي والقضايا العالمية والملفات الإنسانية.
لذا لم يكن غريباً أن يحزن الإماراتيون بمختلف شرائحهم وأطيافهم يوم أن أعلن في أبوظبي عن وفاته في 28 نوفمبر 2012 عن عمر ناهز 83 عاماً، وأن يبادر ويشارك كبار أعضاء الأسر الحاكمة في الإمارات السبع وكبار المسؤولين في الصلاة عليه بمسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وفي تشييعه إلى مثواه الأخير بمقبرة البطين.
ولد الشيخ أحمد بن حامد آل حامد بمدينة أبوظبي سنة 1929 ابناً لوالده الشيخ حامد بن بطي آل حامد القبيسي ولوالدته شمسة بنت أحمد السويدي، وبالتالي فهو سليل أسرتي القبيسي والسويدي الكريمتين.
تلقى الشيخ أحمد بن حامد دراسته في الكتاتيب التقليدية فدرس القرآن والفقه والحساب والقراءة والكتابة، ليثقف نفسه ذاتياً بعد ذلك من خلال القراءة والمطالعة وحضور مجالس الأدباء والشيوخ والأعيان التي كانت قديماً بمثابة ديوان عام لمناقشة مختلف الشؤون الخاصة والعامة وتداول الأخبار والقصص والحكايات والقصائد.
على أن المدرسة التي كثيراً ما افتخر بتخرجه منها هي مدرسة قائده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. إذ كان لسنوات طويلة ملازماً ومرافقاً له، وحاضراً في مجالسه، ومصغياً لآرائه ونصائحه الحكيمة، ومعاصراً لجميع مراحل التطور التي شهدتها أبوظبي تحت قيادته.
وقبل استقلال دولة الإمارات وإعلان قيام اتحادها بسنوات، عمل الرجل في دوائر حكومة إمارة أبوظبي، حيث كان رئيساً لدائرة شؤون الموظفين وشؤون السياحة، ومنها انتقل ليشغل منصب رئيس دائرة العمل والعمال.. فقام الرجل بتنظيم شؤون الاستقدام والإشراف على تنظيم استخدام العمالة الأجنبية وإصدار لوائح بخصوص المنازعات العمالية، وإعطاء الأولوية في التوظيف، بعد المواطنين، لمواطني الخليج ولاسيما من الكفاءات البحرينية.
ثم تولى منصب رئيس دائرة الإعلام والسياحة، حيث قوبل قرار توليه مسؤوليات الإعلام بالإمارة بالترحيب من قبل العديد من الصحفيين والكتاب.
وبحكم هذا المنصب الأخير شارك كعضو في وفد إمارة أبوظبي في اجتماعات الاتحاد التساعي في عام 1969 إلى جانب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان ولي العهد ورئيس دائرة الدفاع آنذاك، والشيخ حمدان بن محمد آل نهيان رئيس دائرة الأشغال والإعمار، ومعالي أحمد خليفة السويدي رئيس الديوان الأميري، ومحمد الحبروش السويدي نائب رئيس الديوان الأميري، وخلف بن عبدالله العتيبة (أول وزير للاقتصاد بعد قيام الاتحاد)، والمستشارين نجم الدين عبدالله حمودي وعدنان الباجهجي.
ومما لا شك فيه أن هذه المهام والمسؤوليات والمشاركات أكسبته اطلاعاً واسعاً. وتمّ اختياره ليكون أول وزير للإعلام في التشكيل الوزاري الاتحادي الأول في ديسمبر 1971.
وفي التشكيل الوزاري الثاني في مارس 1973، صار وزيراً للإعلام والسياحة، ليتغير مسمى منصبه إلى «وزير الإعلام والثقافة» في التشكيل الوزاري الثالث سنة 1977. أما في التشكيل الوزاري الرابع سنة 1979 فقد احتفظ الشيخ أحمد بن حامد بمنصبه كوزير للإعلام والثقافة، وظل كذلك إلى أن خرج من الحكومة مع التشكيل الوزاري الخامس سنة 1990.
وبعد أن ودع الرجل حلبة الإعلام التي أدارها بكفاءة واقتدار في عقدي السبعينات والثمانينات الطافحة بالأحداث والمتغيرات، وكان فيها صوت بلاده في الداخل والخارج وواضع اسمها على خارطة الإعلام العربي، كرمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في عام 1995 بإصدار مرسوم قضى بتعيينه مستشاراً خاصاً له بدرجة وزير، وظل كذلك إلى أنْ حانت منيته.
هناك الكثير من الإنجازات والصروح الإعلامية في دولة الإمارات من تلك التي وقف الشيخ أحمد بن حامد خلفها ورعاها وسقاها حتى أينعت وباتت اليوم تضاهي مثيلها على المستويين العربي والعالمي.
فبحكم منصبه الوزاري وبتوجيهات من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ورغم كل التحديات والإمكانات المحدودة التي كانت بُعيد استقلال البلاد، أسهم في تأسيس إذاعة أبوظبي التي انطلقت في فبراير 1969 وتغير اسمها في عام 1971 إلى «صوت الإمارات العربية من أبوظبي» لتصبح بذلك الإذاعة الرسمية للدولة.
وأسهم في إطلاق تلفزيون أبوظبي الذي بدأ إرساله باللونين الأبيض والأسود في أغسطس 1969، قبل أن يبدأ إرساله الملون في 4 ديسمبر 1974. وفي عام 1969 كان الشيخ أحمد وراء تأسيس «شركة أبوظبي للإعلام» التي ضمت تحت جناحها جريدة «الاتحاد» وجهازي الإذاعة والتلفزيون.
كما يُذكر للشيخ أحمد بن حامد أنه عندما كان رئيساً لدائرة الإعلام والسياحة في حكومة أبوظبي ــ قبل قيام الاتحاد ــ تولى بأمر من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مهمة الإشراف على أول صحيفة تصدر من أبوظبي (صحيفة الاتحاد)، وذلك في العشرين من أكتوبر من العام 1969.
وقد جاء إصدار الصحيفة في وقت كانت فيه أبوظبي تستضيف اجتماعات الاتحاد التساعي. كما أشرف على إصدار صحيفة «أبوظبي نيوز» باللغة الإنجليزية التي صدر عددها الأول في الخامس من يوليو 1970 كي تكون منبراً لمخاطبة العاملين في الإمارة من غير العرب وإيصال أخبارها إليهم.
وفي زمن توليه مسؤوليات الإعلام في الحكومة الاتحادية، وتحديداً في عام 1975، قررت وزارته تأسيس وكالة محلية للأنباء، بعد أن برزت حاجة ملحة لها كي تكون مصدراً رئيسياً لأخبار الدولة وإنجازاتها.
إلى ما سبق، شهدت الفترة التي أمسك فيها الشيخ أحمد بمسؤوليات الإعلام والثقافة في الحكومة الاتحادية طفرة في إنشاء المكتبات العامة وإصدار المؤلفات في شتى مجالات المعرفة. ليس هذا فحسب، وإنما شهدت أيضاً تأسيس الأنشطة الثقافية المتنوعة من خلال «الموسم الثقافي» لوزارة الإعلام. كما حولت وزارته مناسبة العيد الوطني للدولة إلى مهرجان ثقافي وفني سنوي مع دعوة إلى كل العرب للمشاركة فيه.
وقد أنجب الراحل من زوجته شرينة بنت خليفة السويدي خمسة أبناء: الشيخ شايع (متوفى في عام 2016) والشيخ سعيد (متوفى في عام 2010) والشيخ محمد والشيخ خالد (رجلا أعمال) والشيخ الدكتور حامد (رئيس مجلس إدارة شركة القدرة القابضة).