سلطان النيادي نموذج ناجح للشباب العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أدعو الإعلام في أرجاء العالم العربي إلى شيء، قدر ما أدعوه إلى أن يظل ينشر ما هو جديد في خطوات رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، وأن يظل ينشر تفاصيل سيرة حياته، وأن يظل يعيد ذلك كله كلما وجد الفرصة سانحة للنشر، ذلك أن سلطان وصل إلى ما لم يصل إليه من قبل شاب عربي أو مسلم، عندما مضى يقطع خطواته في الفضاء خارج المحطة الفضائية الدولية.

وهو لم يفعل ذلك من فراغ، ولكنه أعد نفسه لذلك، وتهيأ له منذ وقت مبكر.

ولأنه استعد لما أنجزه على مرأى من العالم، فإن ما تابعناه من أخباره في الفضاء الواسع، كان بمثابة النتائج التي تأتي بناءً على مقدماتها، وكان بمثابة الحصيلة التي لا بد في النهاية أن تجيء، ولا تخلف موعدها مع صاحبها عن استحقاق.

والمقدمات التي أعنيها هي التعليم الذي تلقاه هذا الشاب الناجح، لأنه لا إنجاز في حياة الفرد، ولا بالتالي في حياة الجماعة، إلا بتعليم جيد، وإلا بخدمة تعليمية يحصل عليها الشخص، فتصل بينه وبين العصر، وتجعله على صلة بالعالم من حوله في أنحاء الكوكب.

إنني أطالع في سيرة النيادي، أنه درس هندسة الإلكترونيات في جامعة برايتون البريطانية، وأنه ذهب يدرس أمن المعلومات والشبكات في جامعة غريفيث الأسترالية، وأنه عاد من بعدها يدرس الدكتوراه في الجامعة البريطانية، ثم عاد إلى بلاده، يريدها أن تكون على ما أراد لها الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

إن القضية لدى سلطان النيادي لم تكن تعليماً جيداً فقط، ولم تكن خدمة تعليمية متميزة حصل عليها وكفى، ولكنه كان يمتلك إلى جوار ذلك كله إرادة، وكانت مع الإرادة عزيمة، لأنه ما أكثر الذين حصلوا على التعليم الجيد، وما أكثر الذين حازوا الخدمة التعليمية المتميزة، ولكن ما أقل الذين وصلوا بتعليمهم إلى ما وصل إليه سلطان النيادي في المقابل. وربما تكون العزيمة في حالتنا هذه أهم من التعليم الجيد، وربما تتقدم الإرادة على الخدمة التعليمية الجيدة، لأن الإنسان يصل بالعزيمة والإرادة إلى ما لا يصل إليه بغيرهما.

أما لماذا اخترت أن أبدأ هذه السطور بدعوة الإعلام إلى نشر سيرة حياة رائدنا الفضائي، سلطان النيادي، وأما لماذا دعوت إعلامنا وأدعوه إلى التوسع في ذلك، فلأني أريد هذا الشاب قدوةً أمام شبابنا في عصرنا الذي نعيشه، ونتابع وقائعه في كل مكان.

أريد من الشاب الإماراتي، أو العربي، أو المسلم، إذا تلفت حوله، أن يرى صورة سلطان النيادي أمامه، فإذا وجدها بحث عن حكاية صاحبها، فإذا بحث وجد بعضاً مما أشرت إليه من خطوات التعليم، ومن ورائه النجاح خطوةً من وراء خطوة.

الإمارات لا تزال نموذجاً حياً للدولة الناجحة، ولا تزال دبي نموذجاً حياً كذلك للإمارة الناجحة، ولا يزال في أرض العرب مَنْ يتأمل تجربة الدولة والإمارة بإعجاب، ثم يتمنى لو وجد لهما أكثر من نموذج في أرض العرب على اتساعها، بدءاً من مدينة صلالة في أقصى جنوب الشرق في عُمان، إلى مدينة أصيلة في أقصى شمال الغرب في المغرب.

وأريد من بعد الدولة ومن بعد الإمارة، أن يكون سلطان النيادي نموذجاً من حيث نجاحه أمام الشباب العرب، وأن ينشأ الشاب العربي في مكانه، وهو يرى نموذجاً أمامه يحفزه ويشجعه.. ومَنْ يدري؟!.. ربما كان هذا طريقاً إلى أن يكون لدينا نحن العرب أكثر من سلطان نيادي.

 

* كاتب صحافي مصري

Email