طموح الفضاء اللامحدود

ت + ت - الحجم الطبيعي

من يعرف الإمارات وقيادتها الرشيدة وشعبها يعرف جيداً أن كلمة الفشل ليست ضمن قاموسها، مثلها تماماً مثل كلمة المستحيل، فكل تجربة تضيف إلى تراكم المعرفة والخبرة، التي تعزز من تجربة الدولة الريادية في مختلف مجالات التطور البشري والحضاري، ينطبق هذا على مهمة المستكشف راشد، أول مشروع عربي لاستكشاف القمر، فرغم إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء، يوم الأربعاء الماضي، عدم نجاح هبوط المركبة الحاملة له على سطح القمر، فإن المكاسب التي جنتها الإمارات من هذه التجربة كبيرة ومهمة للغاية، أولها وأهمها هو الخبرة الكبيرة، التي راكمها فريق العمل الإماراتي، الذي تولى مهمة تطوير هذا المستكشف، فقد تم تصميم وتطوير المستكشف راشد، بسواعد مهندسين ومهندسات إماراتيين، امتلكوا الكفاءة والخبرة التي تؤهلهم لقيادة طموح الإمارات اللامحدود في مجال الفضاء، وكما قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فإن بناء البشر أهم من بناء المصانع، لأنه إذا توافرت الخبرات وتراكمت المعارف سيستطيع البشر تحقيق الإنجاز المطلوب عاجلاً أو آجلاً.

المكسب الآخر هو امتلاك إرادة النجاح والإصرار على تحقيقه، وهذا ما اتضح بجلاء من حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي وجه مركز محمد بن راشد للفضاء للبدء فوراً في المهمة التالية لاستكشاف القمر تحت اسم «راشد 2»، مؤكداً سموه أن دولة الإمارات ماضية في مسيرتها الريادية في مجال صناعة واستكشاف الفضاء، فتعثر التجربة الأولى لأسباب خارجة عن إرادة فريق العمل الإماراتي لم يحبط صانع القرار الإماراتي أو يجعله يعيد النظر في المشروع، بل على العكس جعله أكثر إصراراً على إنجاز المهمة في ضوء ما تحقق من دروس مستفادة ومن تراكم معرفي، وكانت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد معبرة ببلاغة في هذا الصدد حين قال سموه: «لم تنجح مهمة المركبة التي تحمل المستكشف راشد بالهبوط على سطح القمر.. ولكن نجحنا في رفع سقف طموحاتنا للوصول للقمر.. ونجحنا في صنع فريق من شبابنا وبناتنا قادرين على إدارة مشاريع فضاء متقدمة، ونجحنا في بناء قطاع فضائي من الصفر خلال 10 سنوات»، فكل هذه المكاسب التي ذكرها سموه تؤكد أن الإمارات ماضية بعزم وإصرار على متابعة جهودها في هذا المجال لتكون ضمن دائرة الدول القليلة، التي تطور برامج ومهمات فضائية لخدمة مشروعات التنمية المستدامة فيها.

بالتوازي مع هذا الإصرار على مواصلة مهمة المستكشف راشد حتى تحقق النجاح المنشود، كان سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي الذي يقوم بأطول رحلة لرائد فضاء عربي في الفضاء الخارجي يبعث برسائله من الفضاء، ويقوم بالتجارب اللازمة من أجل تعزيز منفعة البشرية كلها، وأصبح بالفعل أول عربي يسير في الفضاء، ليقدم نموذجاً آخر لأبناء الإمارات الذين يصنعون المعجزات، ولا يعترفون بالمستحيل.

وقبل النيادي والمستكشف راشد كان سلطان المنصوري أول رائد فضاء إماراتي عربي يصل إلى محطة الفضاء الدولية في سبتمبر 2019، وكان «مسبار الأمل» الإماراتي، الذي وصل إلى كوكب المريخ، واضعاً الإمارات ضمن عدد قليل جداً من الدول، التي تمكنت من استكشاف الكوكب الأحمر، وكل هذه النجاحات والإنجازات تؤكد حقيقة واحدة أن طموح الإمارات الفضائي هو طموح بحجم الفضاء نفسه، لا يحده حدود، وأن الدولة ستواصل بكل السبل السعي لتحقيق هذا الطموح، لأنها بالفعل لا تعرف المستحيل.

Email