قبسات

تِـجَارَةُ العُلَمَاء مع عبادة الصيام

ت + ت - الحجم الطبيعي

التجارة مع الله تعالى ليست كغيرها من التجارات؛ فهي معاملة بين العبد الفقير والرب الجليل، بين المخلوق الضعيف والخالق القدير، فهي نوع خاص من المعاملات لا يشبه معاملة الخالق للمخلوق.إِنَّ تجارة النيات؛ يُقصَدُ بها أن تؤدي عملاً واحداً وتنوي به أكثر من نية صالحة، فتتداخل عبادة في عبادات، ونية في نيات، وثمرة ذلك أجور كثيرات، من رب كريم واسعِ المكرمات، جزيلِ الهِبَات والْأُعطيات.

وقد يتساءل بعض الفضلاء: ما الأفكار التي تُحَوِّلُ عادات المسلم إلى عبادات وتجعل كل ما يفعلهُ وسيلة تذكره بالآخرة؟

وكيف لنا أن نؤجر على العمل الواحد وكأننا نقوم بالعشرات، بل المئات من الأَعمال في نفس الوقت؟

إِن ذلك كله يحدث عن طريق تعدد النيّات حتى نستزيد من الخيرات والحسنات، وندخل الجنة زمراً وجماعاتٍ!
فاستحضر أخي القارئ النيات العديدة، واعلم أَنَّكَ:
تصوم رمضان؛ لأنك مسلم آمنتَ بالله رَبّا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً ورسولاً، وحتى تحقق الغاية المنشودة من الصيام، ألا وهي تقوى الله تعالى، ولِتُدَرِّبَ نفسكَ على مراقبة الله تعالى، فَتَتْرُكَ ما تهوى نفسك، مع قدرتك عليه، لعلمك باطِّلَاع الله عليك.

تصوم رمضان؛ لأن الصوم لا مِثْلَ له؛ فقد أخرج الإمام أحمد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُرني بعمل أَدخُل به الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليك بالصوم، فإنه لا مثل له»، ولأن الصوم من أشرف العبادات: حيث أضاف الله عز وجل الصوم له، وهذا يدل على تشريفه دون سائر العبادات، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي».

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: المراد بقوله: «إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به»، أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته، وأما غيره من العبادات فقد اطَّلعَ عليها بعض الناس.

وإنما تَحْضُرُ النيات في قلب العبد المؤمن بقدر جِدِّهِ في طلب الخير وتشميره له وتفكره فيه، فبهذا تزكو الأعمال وتكثر الحسنات.

وَلْنُطَبِّقْ هذه المقولة - «تجارة النيات تجارة العلماء»- في سائر حياتنا وحركاتنا وسكناتنا، حتى نكون دائماً في عبادة وتَقَرُّبٍ لله عز وجل، وحتى نُثَابَ على كل ما نفعل.

Email