قبسات

بشرى لمن أَدرك رمضان

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أنه ما من أَحد من المسلمين الذين شهدوا هلال رمضان، إلا وهو مدعو للتأمل في الماضي القريب والبعيد، والنظر في الوضع الحاضر نظراً عميقاً، إِذ دون مراجعةٍ لرمضان الماضي ونظرٍ في الحاضر لا يمكن استثمار أوقاته الثمينة.

وأرشدنا القرآن الكريم إلى أن في تداول الليالي والأيام، فضلاً عن توالي الشهور والأعوام، عبراً وعظات ينبغي استخلاصها والاستنارة بها.


فمن وجد خيراً في رمضان الماضي حمد الله وشكر، ومن وجد غيره لعدم اغتنامه لنهاره وليلِه، تدبر واعتبر، وأصلح ما فرط منه من العبادات والقربات فيما مضى وغَـبَـر!، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال: «آمين، آمين، آمين». قيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر قلتَ: آمين، آمين، آمين. قال: «إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يُغْفَرْ له فدخل النار فَأَبعده الله، قل: آمين، فقلتُ: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما، فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين.

ولنا أَن نتخيَّلَ مقدار الخير الذي نحصل عليه بإدراكنا رمضان!.

فعن طلحة بن عبيد الله: أن رجلين قَدِمَا على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان إسلامهما جميعاً، وكان أحدُهما أَشَدَّ اجتهاداً من صاحبه، فغزا المجتهدُ منهما، فاستُشهد، ثم مكث الآخَر بعده سنة، ثم توفي! قال طلحة: فرأيتُ فيما يرى النائم، كأني عند باب الجنة: إذا أنا بهما، وقد خرج خارج من الجنة، فَأَذِنَ للذي توفي الآخِرُ منهما، ثم خرج، فَأَذِنَ للذي اسْتُشْهِد، ثم رجعا إليَّ، فقالا لي: ارْجِعْ، فإنه لم يأنِ لك بعد!، فأصبح طلحة يحدث به الناس، فعجبوا لذلك! فبلغ ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال: «مِنْ أَيِّ ذلك تعجبون؟»، قالوا: يا رسول الله! هذا كان أشد اجتهاداً، ثم استشهد في سبيل الله، ودخل هذا الجنة قبله!.
وفي روايةٍ: فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أليس قد مكث هذا بعده سنة؟» قالوا: بلى. «وأدرك رمضان، فصامه»،
قالوا: بلى، وصلى كذا وكذا سجدة في السَّنَة، قالوا: بلى، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «فَلِمَا بينهما أبعد مما بين السماء والأرض».

فهنيئاً للذين أدركوا رمضان الذي يَحْمِلُ لنا دائماً فيوض الهدايا الـسَّنِيَّة، والمنح الربانية فاسْتَقْبَلُوه بصحائفَ بيضاءَ، وقلوبٍ نقية، وصدور للعبادة منشرحة.

Email