الإمارات من كبار القوة الناعمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاء ترتيب دولة الإمارات ضمن العشر الأوائل في مؤشر القوة الناعمة والتأثير في العالم، والأولى على مستوى الإقليم لعام 2023 وهو ما يعكس العديد من الأفكار التنموية العالمية.

فالتصنيفات الدولية على ما تقوم به حكومات العالم تحمل فكرة إذا تم رصدها من قبل المراقبين، حتى كان التصنيف في أشياء يعتقدها البعض أنها لا تمثل ثقلاً دبلوماسياً لكنها تندرج تحت ما يعرف «سياسة تجميع النقاط» أنها ترسم صورة في ذهنية الرأي العام العالمي الذي بات في عصرنا رقماً صعباً يُعتد به في تقرير مصير حكومات العالم، والفكرة الموجودة في التصنيفات الدولية المتقدمة لدولة الإمارات أنها: مكان العيش الكريم للإنسان في العالم.

وعنصر القوة الناعمة في العلاقات الدولية هو اليوم الأكثر استخداماً لدى أي دولة في تحقيق مصالحها الوطنية وربما القوة الذكية التي تجمع بين القوة الناعمة والقوة الصلدة أو الصلبة تأتي في المرتبة الثانية بعد القوة الناعمة أما القوة التقليدية وهي الصلبة تأتي بآثار سلبية على مستخدميها وما نراه من ردود الفعل على الحرب في أوكرانيا خير دليل، فهناك حالة انتقاد كبيرة ضد روسيا آخرها التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة روسيا طالب فيه بـ144 عضواً بسحب قواتها من أوكرانيا.

إن ما يعكسه تصنيف أن تكون الإمارات ضمن العشر الأوائل من الدول من حيث القوة الناعمة أن هناك اتفاقاً بأن الرأي العام العالمي متابع جيد في مؤشرات التحولات التنموية التي تقوم بها حكومات العالم، وأن ما تفعله هذه الدول من تراكم معرفي لدى الناس سواء الزائرين لوقت محدد مثل الحاضرين لفعالية معينة أو المقيمين فيها هي ثروة حقيقية تصنع بها مكانتها العالمية.

ما يحدث في دولة الإمارات لأكثر من نصف قرن يتعدى وجود الرؤية التنموية للقيادة السياسية في الدولة الذي بات من المسلمات ويتعدى إعداد قيادات إماراتية لاستمرار المسيرة المبهرة للعالم وغيرها من مستلزمات للحفاظ على طموحات الآباء المؤسسين لتصل الفكرة الأساسية إلى أن تكون تجربتها ملهمة لحكومات العالم والسعي نحو تحقيق الكرامة الإنسانية والعيش المشترك.

يرتكز نجاح دولة الإمارات في التصنيفات العالمية التي تتوالى في مختلف المجالات الإنسانية والحضارية على ثلاثة عوامل مهمة. العامل الأول: الإرث الثقافي القائم على تقبل الآخر للعيش المشترك، وربما بالعودة إلى الماضي ستجد أن هذه الدولة هي مضياف كل الناس حتى قبل قيام دولة الاتحاد بل هذا الإرث تعزز مع مؤسس هذه الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واستمر مع المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، ثم الآن مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.

أما العامل الثاني: التركيز على الاستثمار في الإنسان بشكل عام وليس الإنسان الإماراتي فقط وإن كانت له الأولوية، فكانت دبلوماسية إنفاق مداخيل الدولة لصالح الإنسان في العالم سواء بالاستثمار في التعليم والصحة والأمن، فإن دبلوماسية العطاء والمساعدات الإنسانية هي من ركائز القوة الناعمة الإماراتية في العالم ويحدث هذا دون ضجيج أو صخب إعلامي.

العامل الثالث والأخير: العمل بطريقة النموذج أي أنها خلقت لنفسها تجربة تنموية خاصة أبهرت الرأي العام العالمي، وهذه التجربة لم تقتصر على مجال محدد، بل هي شاملة فسبقت العديد من الدول بما فيها تلك التي تريد اللحاق بها ومنافستها، فغير أن هي نموذج في الأمن والاستقرار وكذلك الإعمار وكسر «التابوهات» أو الصور النمطية العالمية، مثل الوصول إلى الفضاء وغيرها فهي كذلك نموذج في طريقة استشعار حاجات الناس في أبعد بقاع العالم، تم تكريم شمسة أبوبكر أو (ماما شمسة) من كينيا بجائزة الشيخ زايد للأخوة الإنسانية لأنها تسببت في إنقاذ حوالي 1000 شخص من السقوط في الإرهاب والتطرف.

ما تحققه دولة الإمارات من مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية تفوق أحياناً خيال الإنسان الذي يعيش في منطقتنا الشرق الأوسط وهي تحمل رسالة أمل تفاؤلية فحواها، لا يوجد مستحيل إذا ما وجدت الإرادة، فكل القصص الناجحة مهما عظمت مكانتها بدأت بالإرادة والإيجابية.

 

* كاتب إماراتي

Email