وعد حكومة دولة الإمارات: ميثاق عمل لخدمات المستقبل
في عالم تتسارع فيه التغيرات بات من اللازم على الحكومات أن ترتكز في عملها على منظومة من المبادئ والقيم الإرشادية، التي يمكن الاعتماد عليها في تقديم الخدمات للمتعاملين، بمستوى عال من الدقة والإتقان، إلى جانب تحقيق الاستجابة السريعة والمناسبة لحاجات الجمهور ورغباتهم، بما يتوافق مع تفضيلاتهم وأولوياتهم.
الحكومات الرصينة تعي وتدرك أن واجبها الأخلاقي يقتضي منها التطوير المستمر للخدمات، مع تحسين طرق وأساليب العمل. من هذا المنطلق فإن مؤسسات الإدارة الحكومية ينبغي أن تستهدف رسم الابتسامة على وجوه الناس، وتستوعب مطالبهم، وتجتهد في تلبية احتياجاتهم، هذا ما يؤكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في كتاب: «ومضات من فكر: أفكار وآراء من وحي الجلسة الحوارية في القمة الحكومية 2013»، إذ يقول سموه: «رؤيتنا للحكومة أنها ليست كياناً منفصلاً عن الناس، بل هي جزء منهم، وتعمل من أجلهم، وبهم تحقق أهدافها، ومن خلالهم تقيس نجاحها. الحكومة سلطة لخدمة الناس، وليست سلطة عليهم، وهي قوة لهم وليست عليهم، ووظيفتها إسعادهم وبناء مستقبل واعد لأبنائهم».
انسجاماً مع ما سبق جاء وعد حكومة دولة الإمارات لخدمات المستقبل، والذي يعبر عن مبادرة تم إطلاقها في عام 2020 بهدف توضيح المبـادئ الرئيسـة المتعلقة بتصميم خدمات حكومة دولة الإمارات، وما يتعلق بطريقة تقديمها للمستفيدين منها، والمتأثرين بها.
يعبر وعد حكومة دولة الإمارات عن ميثاق عمل لخدمات المستقبل، وهو بمثابة إطار تطبيقي، يضم مجموعة من المفاهيم والمبادئ الرئيسة، التي يمكن لمؤسسات الإدارة الحكومية الاهتداء بها في مسيرتها، علماً بأن هذا الوعد يتضمن 8 نقاط أساسية، يمكن توضيحها باختصار على النحو الآتي:
- الإنسـان أولاً: الخدمات الحكومية تتمحور حول الأفراد المستفيدين منها، وهي مصممة بأسلوب يناسب احتياجاتهم، ويستجيب لكل ما يبدونه من آراء وملاحظات بشأن بناء وتطوير تلك الخدمات.
- الأولوية للخدمـات الرقميـة: التركيز على توفير خدمات حكومية رقمية، تتوافق مع روح العصر، وفي الوقت ذاته تحقق عنصر الاستباقية، الذي يستهدف توقع احتياجات أفراد الجمهور بشكل مبكر.
- طلـب المعلومـة مـرة واحـدة: تيسير أمور المتعامل من خلال طلب المعلومات منه مرة واحدة، بحيث يتم الاستفادة منها في جميع تعاملاته المستقبلية، من دون أن يكون مضطراً لإعادة طرح معلوماته في كل مرة يقوم بها بزيارة مراكز تقديم الخدمات الحكومية.
- بيانـات آمنـة وتضمـن الخصوصيـة: هذه النقطة تضمن أن مشـاركة البيانـات الحكوميـة بيـن الجهـات المختلفة تتم بطريقـة محميـة تقنياً، بحيث تحافظ على خصوصيـة المتعامـلين بمستوى عالٍ من الأمان.
- قنـوات خدمـة موحـدة ومتنوعـة ومتناسـقة: عندما تكون قنوات تقديم الخدمات الحكومية موحدة ومتنوعة ومتناسقة فإن هذا يعني ابتعاداً عن التشتت والفوضوية، وتحقيقاً للانسجام بين تلك القنوات.
- تجربـة سلسـة واسـتباقية: توفيـر باقـات مـن الخدمـات الاستباقية المترابطـة والسلسة، هذه الخدمات لم يطلبها المتعامل، ولكن المؤسسة الحكومية هي التي بادرت بتقديمها للمستفيدين بشكل استباقي، وبما يتوافق مع تطور متطلبات الحياة.
- صوت المتعامل: الاستماع والانصات لآراء ومقترحات المتعاملين، وكل ما يقدمونه من ردود أفعال بشأن الخدمات، التي يحصلون عليها من المؤسسات الحكومية. هذا الأمر يسهم بشكل مباشر في تشخيص فجوات الأداء، ومن ثم معالجتها. الأمر الآخر والمهم في هذا الشأن ما يتعلق بالشفافية في عرض وتحليل نتائج قياس الأداء، وكذلك ما يرتبط بالتفاعل الإيجابي مع شكاوى المتعاملين.
- خدمـات ذات قيمـة مميـزة: تتمثل هذه النقطة بتقديم خدمة ذات قيمة عالية للمستفيدين، وفي الوقت ذاته مراعاة مسألة الكلفة الخاصة بتلك الخدمات؛ بما يحقق مشاعر الرضا والسعادة في نفوس المتعاملين مع المؤسسات الحكومية.
ختاماً نقول.. مضامين وعد حكومة دولة الإمارات لخدمات المستقبل تعبر عن خريطة طريق يمكن لحكومات الدول المختلفة أن تستنير بها، وتجتهد في تطبيقها؛ وصولاً إلى ترسيخ مفهوم السمعة الإيجابية لمؤسسات الإدارة الحكومية بنشاطاتها المتعددة.