طموح زايد يتحقق

ت + ت - الحجم الطبيعي

طموح زايد يتحقق بعزيمة أبنائه، أبناء الإمارات يحققون إنجازاً جديداً في ثاني مهمة إماراتية لمحطة الفضاء الدولية، وأول مهمة عربية في التاريخ تستمر لمدة 6 شهور يقوم بها رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، يجري خلالها أكثر من 19 تجربة بحثية. هذا الإنجاز يعود إلى القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فهو عندما استقبل في العام 1974 وفد وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وذلك بعد مهمة المركبة «أبولو» التاريخية التي حملت الإنسان إلى سطح القمر، حينها عبر بأنه يطمح بأن يصل أبناء الإمارات إلى الفضاء، ومن شاهد الصور التي جمعت الشيخ زايد برواد الفضاء وهم يشرحون له عن مهمتهم ونتائج رحلاتهم العلمية والبحثية في الفضاء، يرى في ملامحه ونظراته ذلك الطموح وكأنه يقول: سيرى العالم قريباً أبناء الإمارات وهم يقتحمون الفضاء وعلومه متسلحين بالعلم والمعرفة والطموح والأمل.

وبالفعل، تحول ذلك الطموح إلى إنجاز وذلك الحلم إلى واقع ملموس، وها هي الإمارات اليوم تصبح إحدى الدول الرائدة في قطاع الفضاء وعلومه، بفضل رؤية وطموح القيادة وعزيمة أبناء الإمارات الذين اكتسبوا حب الإنجاز وتحدي المستحيل وتحقيق الطموحات من قيادتهم التي لا ترضى إلا بالتميز، ولا نهاية لطموحاتها ولا سقف يحدها.

طموح زايد تحقق لأن القائد المؤسس استثمر في أبناء الإمارات، وقد ذكر ذلك في مقولته الشهيرة «إن أكبر استثمار للمال هو استثماره في بناء أجيال من المتعلمين والمثقفين»، وعلى نهجه سار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حيث يؤكد أن «الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الحقيقي الذي ننشده»، وهذا تأكيد على حرص القيادة الرشيدة على الاستثمار في الإنسان، وهو نهج ثابت وراسخ ومستمر في الفكر القيادي الإماراتي.

وقد حققت الدولة قبل هذا الإنجاز وخلال العقد الأخير إنجازات عدة في مجال الفضاء، مثل وصول هزاع المنصوري إلى المحطة الفضائية الدولية كأول رائد فضاء إماراتي يصل إليها، وإرسال مسبار الأمل والمستكشف راشد، وهذه الإنجازات تحققت وفق رؤية قيادية طموحة وخطط وبرامج ومنهج علمي وعملي واضح وخطة زمنية دقيقة.

تعرف الإمارات بأنها دولة طموحة ولا سقف ولا حدود لطموحاتها، ومن هذه الطموحات المشاريع والبرامج الفضائية، لذا عملت الإمارات على الاستثمار في هذا المجال من خلال تدريب وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية وجذب الاستثمارات الأجنبية حتى أصبحت الأنشط في هذا المجال من بين دول المنطقة، كذلك أنشأت الدولة مؤسسات عدة ومراكز علمية لتحقيق هدفها للوصول إلى الفضاء نذكر منها على سبيل المثال مركز محمد بن راشد للفضاء ووكالة الإمارات للفضاء ومشروع الإمارات لاستكشاف كوكب الزهرة، ووكالة الإمارات للفضاء، والبرنامج الوطني للفضاء، ومن ضمن هذه البرامج برنامج نوابغ الفضاء العرب، والذي أسس في 2020 بهدف تدريب وتأهيل نخبة من المواهب والعقول العربية في علوم الفضاء وهنا يكمن الحرص الإماراتي على أن تعم الفائدة والخير للجميع من الأشقاء العرب.

كل ما سبق، تحقق وفق رؤية واستراتيجيات، ومنها الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء حتى عام 2030 التي تهدف إلى تعزيز مساهمة صناعة الفضاء في توسيع الاقتصاد المعرفي وتنويع الاقتصاد الوطني، وتعزيز القدرات في مجال البحث والتطوير والتصنيع لتكنولوجيا الفضاء وهذا بالتالي يدعم اقتصاد المستقبل، والذي يعتمد على المعرفة والابتكار.

لقد بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية في مشاريع وبرامج الفضاء أكثر من 22 مليار درهم، ما يؤكد أهمية الاستثمار في قطاع الفضاء، والذي يعود بالعديد من الفوائد، منها أن الأبحاث في هذا المجال تسهم في تحسين حياة البشر وهذا جانب إنساني عظيم ومهم، كما أنه يسهم في دعم وتطوير التقدم التقني والعلمي، لذا تحرص بعض الدول على الاستثمار فيه، حيث يصل الاستثمار العالمي فيه إلى أكثر من 450 مليار دولار سنوياً، ومن المتوقع أن يصل إلى تريليون دولار بحلول 2030.

والأهم من ذلك أن البرامج الفضائية والاستثمار فيها يعزز من ثقة الشعب ويعتبر مصدر إلهام للشباب ويمنحهم شعوراً إيجابياً وثقة، ويرفع الطموح لديهم ويحفزهم للعلم والعمل لبناء مستقبل أفضل.

بعد هذا الإنجاز وكحال الإنجازات الإماراتية، بدأ العالم يترقب ما هي الطموحات الإماراتية القادمة؟ وما هي الإنجازات التي ستعلن عنها في المرحلة القادمة؟ نعود ونؤكد أن طموحات أبناء زايد لا حدود لها.

 

* كاتب ومحلل سياسي

Email