يولي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، القمة العالمية للحكومات التي تنعقد كل عام على أرض دبي أهمية كبيرة. وفي العام الماضي على سبيل المثال، عقدت القمة في مارس، وكانت المرة الأولى التي تنعقد فيها في هذا الموعد، فمن قبل كانت قد داومت على الانعقاد في موعدها الثابت في فبراير، ولم تتخلف عن موعدها منذ إطلاقها في عام 2013 إلا لظرف طارئ.

وحين عادت في 2022 كانت إطلالتها مضروبة في اثنين، وكان السبب أنها لما عادت قرنت عودتها بختام معرض إكسبو 2020 دبي، فكانت المناسبة مناسبتين، وكان الذين تابعوا عودتها عن قرب تابعوا في الوقت نفسه ختام المعرض الشهير الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، والذي حاز من المشاهدات والمتابعات ما لم يحدث مع محفل مماثل.

وفي يوم ختام القمة في العام الماضي، نشرت الصحف خبراً عن موعد إطلاق القمة التالية باليوم والساعة، وعلى أن تنعقد في حينها المقرر سلفاً، وعلى أن تنتظم في الانعقاد وكأنها ساعة سويسرية تدور في دقة وانضباط. وكان تحديد الموعد الجديد قبل أوانه بعام كامل، ما يدل على أن الاهتمام الذي تحظى به من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هو اهتمام خاص من نوعه. ولأن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يرأس الحكومة في الدولة، فهو أدرى الناس بضرورة أن تكون للحكومات قمة في دبي، وأن يكون شأن كل حكومة مع جمهورها من المواطنين، وليس حكومة الإمارات وحدها، هو الموضوع الذي تبدأ من عنده كل قمة وتنتهي.

وسوف تجد هذا واضحاً إذا ما طالعت المحاور الرئيسية التي تنعقد قمة هذا العام لتناقشها، وسوف تطالع في المحور الأول عبارة تقول الآتي: الارتقاء بالخدمات الحكومية والابتكار.

فالحكومات نشأت في العالم كفكرة بهدف محدد، وهذا الهدف هو تقديم الخدمات العامة للمواطنين، ولا تقدم الحكومات المختلفة خدماتها العامة لمواطنيها باعتبارها خدمات في حد ذاتها، لكنها تقدمها بغرض إسعاد هؤلاء المواطنين، وإلا ما كانت الحكومات حكومات بالمعنى الحقيقي للكلمة في العلوم السياسية، وما كانت الخدمات العامة خدمات بالدرجة نفسها؛

ولهذا فالحديث عن الارتقاء بالخدمات الحكومية في محور القمة الأول إنما يرتبط بالابتكار ارتباط المقدمة بالنتيجة كما يقول أهل المنطق.

وكأن المعنى هو أن الخدمات الحكومية التي تقدمها كل حكومة في بلدها لا تكتمل إلا إذا صاحبها ابتكار في طريقة تقديمها، وفي طريقة حصول المواطن عليها، وفي قدرتها على أن تحقق له قدراً من السعادة لا بد أن يكون حاضراً في كل الحالات. ولا تجاهد كل قمة جديدة حين تنعقد إلا لتدعو كل حكومة إلى أن تكون حاضرة ومشاركة، ثم إلى أن يكون إسعاد مواطنيها هدفاً ماثلاً أمام عينها، وهي تخاطب كل مواطن من رعاياها، وكذلك وهي تحمل خدماتها إليه في مقراتها التي يتردد عليها المواطنون، وهذا في حقيقة الأمر ما يفرق بين حكومة وحكومة في أنحاء الأرض، وما يجعل حكومة تتميز على أخرى. ولا تزال قمة الحكومات منصة دولية دورية معتبرة، ولا تزال تمنح كل حكومة فرصة سنوية، لا تحصل عليها إلا إذا كانت تؤمن بمواطنيها، وبأن ما تقدمه لهم لا بديل عن أن يكون على درجة من الكفاءة العالية.

* كاتب صحفي