مكانة العراق لدى الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

مهّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، زيارته لدولة الإمارات بمقال له في إحدى الصحف المحلية موضحاً فيه الهدف من زيارته. وقد ضمّن مقاله كلمات لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قالها عام 2021 وهو يصف مكانة العراق في رؤية قيادة دولة الإمارات، حيث أكد سموه: «عراقنا غالٍ على قلوبنا».

بليغة تلك الكلمات القصيرة التي قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لأنها حملت الكثير من المعاني والدلالات تحوم في خيال من يقرأها حول العراق. ومن دون شك، ستبقى تلك الكلمات خالدة في التاريخ لأنها تشرح مكانة العراق في فكر قادة الإمارات وما يتمنون له من من ازدهار ونمو واستقرار. بل لا تخلو تلك الكلمات من استشراف المستقبل ومن الرهان على الزمن القريب في عودة العراق ليحتل مكانته الطبيعية بين الأمم وبين أشقائه العرب وفي محيطه الطبيعي. وتحتفظ الذاكرة العربية والعالمية بعراق الحضارة والإنسانية لما يمتلكه من إرث ثقافي وتنوع بشري أبسط ما يمكن وصف لحالة التنوع الموجودة فيه أنه (مجتمع فسيفسائي) ربما يفوق كل دول العالم، وهذا سبب قوته وأهميته العالمية.

للعراق، قدر كبير من الجاذبية لدى العرب عموماً ولدى الخليجيين بشكل خاص، وتم قياس تلك المكانة الهائلة من خلال استضافة مدينة البصرة العراقية لبطولة كأس الخليج العربي الأخيرة والتي توج فيها المنتخب العراقي بالبطولة؛ لهذا على المراقبين عدم استغراب حفاوة استقبال دولة الإمارات لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أمس الخميس.

وتندرج الزيارة تحت بند النشاط الدبلوماسي والحراك الذي تقوم به حكومة الرئيس محمد شياع السوداني الذي أكمل المئة يوم الأولى من تكليفه، سواءً تمثل هذا النشاط في استقبال العراق للعديد من السياسيين من مختلف دول العالم آخرها زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أو من خلال زيارات المسؤولين العراقيين إلى مختلف دول العالم، حيث تتزامن زيارة محمد شياع السوداني للإمارات، مع زيارة أخرى يقوم بها وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى واشنطن، وقبلها زيارتين للسوداني إلى كل من فرنسا وألمانيا، وهما من الدول المهمة في أوروبا.

وبينما يحظى النشاط الدبلوماسي العراقي باهتمام كبير من قبل المراقبين حول أهدافه ودلالاته الخاصة في ظل استمرار حالة التنافس الدولي والإقليمي على النفوذ في داخل العراق والتي تسببت في الكثير من التحديات له، فإن الاهتمام العربي والخليجي ينطلق من رغبة أشقائه في إعادته لممارسة دوره الطبيعي وبما يليق ومكانته التاريخية، وهذه حقيقة واقعة ولا يمكن المزايدة عليها من أحد؛ فالجميع أدرك أن ضعف العراق وتراجعه ليس في صالح الاستقرار العربي.

إن أكثر ما يحتاجه العراق الآن، شيئين مهمين، الأول: وقفة عربية صادقة معه للخروج من محنته الممتدة لأكثر من أربعة عقود، فمنذ الحرب العراقية - الإيرانية، يعيش هذا البلد حالة غير مستقرة وينتقل من تحدٍ إلى آخر، ولا شك في أن هذه الوقفة ستكون جزءاً يسيراً من حقه الطبيعي على أشقائه العرب الذين وقف العراق يوماً معهم.

الشيء الثاني: يتعلق بالدول الصديقة للعراق وهو عدم الزج بالعراق في صراعات سياسية بين الدول الكبرى أو بين المتنافسين على النفوذ في الإقليم على حساب استقراره أو المتنافسين على ثرواته، لأن بقاءه مستقلاً في سيادته وقراره سيعطيه مساحة لكي يلعب دوره الحضاري في التقريب بين المتنافسين سياسياً.

باختصار، مثلما عبرت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن جزء من الإرث السياسي الإماراتي تجاه العراق، فمن الواجب على الجميع العمل من أجل استقراره، ومساعدته على النهوض التنموي لأن عودة عافيته السياسية والأمنية تعززاستقرار العالم، وقد أثبت التاريخ الحاضر صحة ما نعتقده.

 

* كاتب إماراتي

Email