لم يدر ببال الفنان المصري طارق النهري، يوم أن فاز بلقب الممثل الأول خلال مشاركته في مسابقة الإسكندرية للوجوه الجديدة سنة 1973، أنه سيأتي يوم يقبض فيه عليه، ويحاكم ويدان، ويقضي أكثر من عشرة أعوام من عمره في المعتقل مع المجرمين وأصحاب السوابق، فما حكايته؟ وما أسباب اعتقاله وسجنه؟
قبل أن نجيب عن السؤال، دعونا نتعرف عليه ونتحدث عن مشواره الفني. ولد طارق حازم حسن النهري الشهير باسم «طارق النهري» في القاهرة في الثامن من أكتوبر عام 1952، والتحق للدراسة بكلية التجارة والاقتصاد التابعة لجامعة أسيوط، وتخرج فيها حاملاً درجة البكالوريوس. والتحق بمعهد القاهرة العالي للسينما، وتخرج فيه عام 1978، حاملاً درجة البكالوريوس في التمثيل والإخراج.
بدأ النهري مشواره الفني في مطلع السبعينيات من خلال بعض السهرات والمسلسلات التلفزيونية. ثم ظهر لأول مرة في فيلم الكرنك لعلي بدرخان سنة 1975 في دور أحد المعتقلين.
بعدها، ظهر في نحو 117 فيلماً ومسلسلاً، مؤدياً في الغالب الأعم أدواراً ثانوية، حتى قيل إنه ممثل فاشل، كما قيل إنه مخرج فاشل من الدرجة العشرين بعد أن أخرج نحو 32 عملاً، لم يحقق أي منها نجاحاً يعتد به. وأثناء مشواره الفني تزوج من سيدة أيرلندية أنجبت له ابنته الوحيدة ياسمين، أو «جيسي»، التي تعمل وتقيم في أيرلندا.
وهكذا مضى به قطار العمر، وغطى الشيب مفرقه، وفقد وسامته، إلى أن جاءت «هوجة» ما أطلق عليه اسم «الربيع العربي» سنة 2011، فشارك في أحداثها العنيفة، وهو ما أدى إلى اعتقاله مع تسعة آخرين، وصدور حكم عليه من محكمة جنايات القاهرة بمعاقبته بالسجن المؤبد بتاريخ 20 فبراير 2019 بتهمة التورط في إضرام النار بالمجمع العلمي، وإطلاق الرصاص على مقر مجلس الوزراء، وحيازة السلاح، والتجمهر غير المرخص، وإتلاف الممتلكات العامة.
وبعد صدور هذا الحكم تقدم بطعن أمام محكمة الاستئناف، فتم تخفيف الحكم عليه من المؤبد إلى 15 عاماً. وفي يوليو 2022 خرج من المعتقل ضمن آخرين بناءً على عفو خاص أصدره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بموجب القرار الجمهوري رقم 329 لسنة 2022.
خرج النهري من المعتقل، الذي زج فيه بعد إجراءات قضائية ماراثونية استمرت ما بين عامي 2012 و2019، لكنه فقد احترام الكثيرين وتشوهت صورته، وتوقفت بسببهما مسيرته، ولم يشفع له ظهوره متأثراً في برنامج حواري للإعلامية مفيدة شيحة من قناة النهار المصرية، حيث اعترف أن شخصيته انكسرت واهتزت خلال سنوات السجن ووسط العزلة المريرة التي عاشها، وأنه يحاول استردادها وترميمها عن طريق مراجعة النفس ومحاسبتها على أخطائها.
والجدير بالذكر أن مشاركة النهري في أحداث ما يسمى «الربيع العربي» لم تكن لها علاقة بجماعة الإخوان المسلمين المصرية، التي تصدرت المشهد وقتذاك، حيث إن علاقته بالجماعة كانت متوترة على الدوام، بدليل أن الجماعة كثيراً ما وصفته بـ«البلطجي»، وسُجل عن النهري وصفه للسنة التي حكمت فيها الجماعة مصر بـ«السنة السودة».