حرب أوكرانيا.. من ينهيها ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الحرب ليس كما في الحب، وليس كما قال نزار قباني في قصيدته، التي غنتها نجاة «إن من بدأ المأساة ينهيها.. وإن من فتح الأبواب يغلقها.. وإن من أشعل النيران يطفيها».

النار لم تزل مشتعلة في أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، حين أطلقت روسيا عمليتها العسكرية في البلد، الذي كان من ضمن جمهوريات الاتحاد السوفييتي المنهار على يد ميخائيل غورباتشوف، الذي انتهى به المطاف في أن يظهر على إعلان للبيتزا، وتوفي في أغسطس الماضي عن واحد وتسعين عاماً، وقد كان آخر رئيس للاتحاد السوفييتي ووصف عهده بالسياسي المضطرب، من خلال نهج البريسترويكا والغلاسنوست «الإصلاح والانفتاح»، لكنه على أية حال غير مجرى التاريخ.

لم تكن العلاقات بين بوتين وغورباتشوف ودية، بل إن الأول قال في ديسمبر 2021 إن انهيار الاتحاد السوفييتي كان كارثة، ونهاية «روسيا التاريخية». وقد تغيب عن المشاركة في مراسم دفن غورباتشوف، وهنا يكمن أن نستشف سبباً رئيسياً للحرب في أوكرانيا، فالرجل انتقد لينين نفسه قائلاً: إنه زرع قنبلة موقوتة بمنحه جمهوريات الاتحاد حق تقرير المصير، لكن حرب أوكرانيا تدخل شهرها الثامن ولا يبدو أن روسيا قادرة على حسمها وإعلان «الانتصار» على حلف الناتو، الذي يدعم أوكرانيا بالسلاح والمال، وربما الرجال من خبراء ومقاتلين، فهل هدف بوتين أبعد من مجرد أوكرانيا، نعني الغرب الأمريكي- الأوروبي؟ ربما.

الكل يتساءل عن غموض رجل «كي جي بي» السابق، والسؤال الأهم متى وكيف تنتهي هذه الحرب في ظل دخول التهديد بالنووي على خط الأزمة. المحللون يضعون سيناريوهات متعددة، لكن لا أحد واثقاً من الإجابات.

مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية نشرت مقالاً لرئيس تحريرها السابق جدعون روز، توقع فيه أن تنتهي حرب روسيا في أوكرانيا، كما انتهت حرب أمريكا في فيتنام في عهد الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون.

ودعا روز الغرب ألا يجبر أوكرانيا على الاستسلام جراء «التوهم» بأن الحرب ستتصاعد إلى مستويات مرعبة جديدة، قائلاً: إن ما سيتم في حرب أوكرانيا سيكون مشابهاً لما تم في حرب فيتنام، التي انتهت بانسحاب أمريكا مهزومة رغم امتلاكها ترسانة نووية ضخمة، وأضاف روز: إن روسيا لن تستخدم الأسلحة النووية في أوكرانيا، وإن تهديدها بالاستخدام أمر منطقي؛ فهو يخيف، ويثير القلق والحذر في نفوس مؤيدي أوكرانيا، ويحث على دعوات لإجراء مفاوضات مبكرة لدرء الخطر، وكل ذلك بدون تكلفة، وعلل توقعه باستبعاد استخدام روسيا الأسلحة النووية، بأن هذه الأسباب هي التي منعت تنفيذ كل التهديدات السابقة منذ عام 1945 لاستخدام السلاح النووي بعد ناغازاكي وهيروشيما،

لكن في ظل تفاقم أزمة الطاقة تتردد تسريبات عن أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تضغط على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي بأن يكف عن رفض التفاوض مع موسكو.

«الإندبندنت» البريطانية نشرت تقريراً لمراسلتها بيل ترو، بعنوان «نهاية الصراع في أوكرانيا تبدو بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى»، تناول التقرير تعليق موسكو مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، الذي «منع، بشكل غير مباشر»، وقوع نحو مئة مليون شخص في براثن الفقر المدقع، وفقاً للأمم المتحدة، وقالت الكاتبة: إن «ما بدا للوهلة الأولى أنه اتفاق لوجستي... قد أنقذ في الواقع قطاعات واسعة من الناس على مستوى العالم».

وكانت روسيا علقت مشاركتها في الاتفاق إلى أجل غير مسمى، قبل أن تتدخل تركيا وتستأنف روسيا تصدير الحبوب بشروطها، واتهمت كييف في حينه، إلى جانب متخصصين بريطانيين، بشن هجوم ضخم بطائرات من دون طيار على أسطولها بميناء في شبه جزيرة القرم، التي ضمها الرئيس فلاديمير بوتين في عام 2014.

ويبقى السؤال معلقاً: متى وكيف تنتهي الحرب؟ أم أنها ستتطور إلى حرب عالمية؟ الجواب يكمن في عقل بوتين و.. في التطورات العسكرية في البر والبحر والجو.

Email